التراجيديا الإنسانية 9

ابتسمَ الخزيُ لي
كانَ ثغْرُ المرأةِ ملطخًا بالشبقْ
قَبِلْتُ دعوتَهَا
كانَ كلُّ جسدي يرعشُ مِنِ العرقْ
أردتُ أن أعانقَ الخزيْ
يَ
وأتركُنِي للدغِ السُّمْ
نَشَرْتُ شراعَ فخذِهَا
وأبحرتُ إلى جزيرةِ الذُّلّْ
لِ
الضائعةِ في الخريطةْ
الحديدُ شجرُهَا
وثمرُهَا هَوَانُ الحنطةْ
ةِ
التي تقتاتُ بالديدانِ كما تقتاتُ الديدانُ منها بما يقذِفُهُ البشرْ
رُ
مِنْ خِزْيِ الحقيقةْ
حادٌ ألمُهَا
وجودُهَا الألمْ
انقلبَ جوهرُ الأشياءِ في الخِزْيِ ليُخْفِي كيفَهَا
كانَتِ الديدانُ غذاءَ الحنطةِ والقهرْ
خِزيُهَا العدمْ
أجسادُنا كانتْهُ في براعةِ شناعتِهَا
خليطٌ مِنِ الأممْ
مستنقعٌ مِنِ الخذلانِ الزالقِ مَعَ الجمالْ
لِ
وحطامِ الهِمَمْ
إذا كانتْ للبشاعةِ صفةُ النذالةْ
لكَ كانَ خِزْيُنَا جميلا
وإذا كانتْ للشجاعةِ صفةُ البسالةْ
لكَ كانَ خِزْيُنَا جليلا
شَنَارُ الجلالِ جمالُنَا
كُلُّ الذي صارَنَا لأجلِ أنْ نصيرْ
رَ
جلالَ الخِزْيْ
يِ
وجمالَ القَدَمْ
فلا تَلُمِ الضبعَ على دمامتِهْ
هِ
التي فيهْ
لُمِ الضبعَ على جمالِهْ
دمامةُ الضبعِ لا تُخْزِيهْ
لُمِ الضبعَ على جلالِهْ
رائحةُ الضبعِ لا تُجزيهْ
الضبعُ عَالَمٌ لنفسِهْ
ثورةُ العالمِ على نفسِهْ
هِ
في الحضيضْ
العالمُ ضبعٌ لنفسِهْ
ثورةُ الضبعِ على نفسِهْ
هِ
في الحطيطْ
تعوي الضباعُ على الدنيا
وتقذِفُهَا بالسعيرْ
في السعيرِ أجسادُهَا تُصلى
تمزقُ النيرانُ أجسادَهَا بالسفرجلْ
لِ
وبأنيابِهَا تمزقُ عابري السبيلْ
نقولُ هذا خِزْيُنَا الذي به نتباهى
هذا خِزْيُنَا الذي بِهِ نُحْرِقُ كلَّ مَنْ يُغْرِبُ في الضَّحِكْ
كِ
على الغريبْ
نحترقُ ككبابيدِ السيدا
نحترقُ كصحونِ البلاستيكْ
نحترقُ كورقِ الكلينكسْ
* * *

دخلتُ في لوحةِ الخيانةْ
كنتُ تجربةَ الرسامْ
نوعًا مِنْ أنواعِ الانهزامِ الذاتيّْ
دخلتُ فيها مباشرةً بعد أن خرجتُ مِنْ محاضرتي في السوربونِ عَنِ الأخلاقْ
لم أكنْ أطيقُ رائحةَ الدِّهَانِ الزيتيِّ
كانتْ إرادةُ الدخولِ مِنْ إرادةِ الاحتمالْ
الصرخاتُ العفنةُ الممتزجةُ بغائطِ الخيانةِ تخرسُ تحتَ ضغطِ أصابعِ عارِهَا
لغائطِ الخيانةِ عِطْرٌ اسمُهُ الغَمّْ
في اللوحةِ كانَ وضعي مُرِيحًا أكثرَ مما هُوَ في الواقعْ
ليسَ لسعرِ فائضِ الثومْ
ليسَ لسحرِ عائدِ الدافعْ
ليسَ لسِرِّ زائدِ اليومْ
ليسَ لبِرِّ صائغِ الوازعْ
لدافعِ الإخلاصِ للخيانةِ في الوَهْمْ
كنتُ أعلمُ بخيانةِ زوجتي
كانت لوحةُ الخيانةِ التي لها
غيرُهَا التي لي
الإخلاصُ على طريقتِها حريتُهَا
عبوديتي
النعيمُ على طريقتِهَا نعيمُها
جحيمي
أثناءَ غيابِهَا كنتُ أدخلُ فيها
أشمُّ عِطرَ مَنْيِ خيانتي
أبتسمُ كالذئبِ لها
مخالبُ الذئبِ تنبتُ مكانَ مخالبي
أنيابُ الذئبِ تنبتُ مكانَ أنيابي
إبَرُ الذئبِ تنبتُ مكانَ إبَرِي
أعوي كالذئبِ تحتَ قمرِ الخيانةْ
أرفعُ ذراعي
وبيدي أخترقُ القمرَ حتى تفجيرِ الكونْ
أُلَوِّثُ بيوتَ الآلهةِ بأقذارنا
فتنزلُ الآلهةُ على الأرضْ
ضِ
وتخونُنَا
كنا جميعًا في اللوحةْ
بشرٌ وآلهةْ
كنا جميعًا مِنْ جَبْلَةِ الرسامْ
المنيُ والضوءْ
الغائطُ والنوءْ
القيءُ وماءُ حَمَّامِ تيريزا ماي
الروهينجا في الفاتيكان
* * *

لستُ جريئًا كما يتخيلُ البعضُ عندَ الحكمِ عليّْ
لمواجهةِ كَذِبِ الناسِ وخِدَاعِهِمْ ربما
لمواجهةِ كَذِبِي وخِدَاعِي لا
الأمرُ مُخْتَلِفٌ تماما
اختلافُ النظريةِ عَنِ التطبيقِ أمرٌ نُلِمُّ بِهِ إلمامَ المقاعدِ في الجامعةِ الأردنيةْ
الطائرُ على الورقِ غيرُهَ في الجوْ
الثديُ على الغرقِ غيرُهُ في الفمْ
العاملُ على القرنِ التاسِعِ عَشَر غيرُهُ في اليومْ
هذا ما تُدْرِكُهُ الشكوكْ
تدركونَ الفروقَ بينَ الثريا والثرى
فتكونُ الشكوكْ
كُ
وتكونُ الفروقْ
أنا كلُّ واحدٍ منكمْ على غيرِ تحديدْ
دٍ
مِنِ الثريا حتى الثرى
ومنِ الثرى حتى الإشارةْ
حتى التوريةْ
حتى الاستعارةْ
وبلغةِ ضَيَاعِ الأممِ حتى الحدودْ
دِ
المستعارةْ
الطيورُ تنقُرُ الأسلاكَ الشائكةْ
تنقُرُنَا
نغرقُ جميعُنَا في الورى
الكَذِبُ لَوْحَتُنَا
ليسَهُ قَدَرَا
ليسَهُ الامتحانَ لأخلاقِنَا
ليسَهُ دايانا
الكَذِبُ لَمْحَتُنَا
كلُّ امرئٍ ماخورٌ للكَذِبْ
بِ
في ساندويتش همبرجرْ
كلُّ طائرٍ ماخورٌ للخِدَاعْ
عِ
في قنينةِ كوكا كولا
كلُّ ضبعٍ ماخورٌ لترامبْ
بَ
في فيلم بورنو
وكلُّ قطّْ
وكلُّ طفلْ
وكلُّ دجالٍ يرتدي الصراعْ
عَ
وينامْ
مُ
كالطفلْ
لِ
في كتابِ رأسِ المالْ
لماذا إذنِ الكَذِبُ كالشرّْ
رِ
للبشرْ
رِ
وهو في الأخلاقِ التناغمُ ما بينها؟
لماذا الشرُّ كالقَرْ
رِ
للغجرْ
رِ
وهو للرياحِ التكافلُ ما بينَها؟
الشرُّ مِنْ صُنعِنَا
الحكمُ الإشكاليُّ في علمِ الاجتماعْ
عِ
وفي السياسةِ جوهرُ مَنْيِنَا
عمقُ الدلالةِ في الكلماتِ الجوفاءْ
ءِ
وفي الفلسفةِ دهاليزُ شَكِّنَا
أرقامُ المنطقِ في الاقتصادْ
دِ
وفي السينما شارلي شابلنْ
الكَذِبُ خيرُ شرٍّ لنا
وأخوهُ الخِدَاعْ
هُوَ الصدقُ في ثوبِ كليوبترا
وَهُوَ الجوهرةُ النفيسةُ في طبقِ ملوخيةَ أبي الهوْلْ
لو فَهِمَتِ الأديانُ هذا
لَفَهِمَتْ نهرَ النيلِ الأديانْ
لحلَّتِ الأديانُ عقدتَها
لغيرتِ الأديانُ للنيلِ مجراهْ
لخلقتْ مِنْ مِصْرَ صحني كوسا
لفبركَ غيرُهَا لغيرِهَا غيرَ الإرهابِ في سيناءْ
الكَذِبُ قوةْ
الكَذِبُ عَظَمَةْ
الكَذِبُ كُلُّ ما عجزَ عن تحقيقهِ في مصرَ قدمي
وتمَّ تحقيقُهُ في زمنِ دُقِّي (دقي يا مزيكا)
الكذبُ مزيكا
الكذبُ تحية كاريوكا
الكذبُ مُسْتَعربٌ يُؤَذِّنُ في واشنطنْ
نَ
فيصلي الناسُ في مكةَ والقاهرةِ وساقي (ساقي يعني ساقي وساقي من يسقي الخمر أو عصير الرمان)
هل يكذبُ ظني؟
يكذبُ ظني
هل يكذبُ بطني؟
يكذبُ بطني
هل يكذبُ فريدُ الأطرشْ؟
يكذبُ فريدُ الأطرشْ
ظني ظنُّ الكاذبْ
أملي أملُ عبد الله الثاني
رأيي رأيانْ
نِ
ونصفٌ في مكتبِ الفراشِ في قصرِ الملكِ في الرباطْ
حَطَّمَ طائرٌ مِنْقارَهُ على جدارِ الكَذِبْ
بِ
فقبضَ الكَذِبُ عليهِ مِنْ خناقِهِ بمخالبِهْ
هِ
وقالْ
لَ
سَتُزْهِقُ روحَهُ الأسكى دنيا (الصدق)
طَلَعَتْ روحُنَا تحتَ كنادرِ الكَذِبْ
ارتداها التلفيقْ
قُ
وَهِيَ في ظَنِّهِ الافتراءْ
أسدلَ الستائرْ
أغلقَ الأبوابْ
كانت عادةٌ وثنيةْ
خيبةُ الرجاءْ
أكدتِ الجماهيرُ على الكلماتْ
تِ
التي لفظتْهَا
أجَّلَ الرعدُ طعامً العشاءْ
لنْ يتعشى
نامَ البرقُ قبلَ نشرةِ الأخبارْ
لنْ يتسلَّى
نفخ الشيطانْ في أنوفها
لنْ تتلوى
الجماهيرْ
سَتَحْلِقُ الجماهيرُ شعرَهَا
الغبارُ هو الطريقْ
قُ
إلى شعرِها
الجماهيرْ
ستزوقُ الجماهيرُ فكرَهَا
الغبارُ هو الطريقْ
قُ
إلى فكرِهَا
تصاعدَ الغبارُ مِنِ احتفالٍ لبصاقِ الشعبِ السعوديِّ على علمِهْ
غبارٌ لونُهُ أبيضُ كثلجِ ستوكهولمْ
* * *

اسرقْ!
لا تترددْ
لا تكن ذريعتُكَ الأمانةْ
احرقْ!
الأمانةُ إليزيهُ الإهانةْ
افلقْ!
الأمانةُ ماخورُ الشرفِ لما يكونُ الشرفُ الطاولةْ
اعتق!
الأمانةُ صقورُ القصورِ لما تكونُ القصورُ الكراسيا
البضائعْ
عُ
في المراكزِ التجاريةِ تقولُ لَكَ اسرقْ
لماذا لا تسرقْ؟
إنْ لم تسرقْهَا تسرقُكْ
كَ
البضائعْ
المراكبْ
بُ
في المدنِ الساحليةِ تقولُ لكَ أبحرْ
لماذا لا تُبْحِرْ؟
إنْ لمْ تبحرْ فيها تبحرُ فيكْ
كَ
المراكبْ
أَدْخَلَ القميصُ يدَهُ في جيبي
في اللحظةِ التي قررتُ فيها الذهابَ إلى الموانئْ
ئِ
ومِنِ الموانئْ
ئِ
إلى الأبوابِ المُرْتَقِبَتِنِي
أراد أن يسرقَ القميصُ حَافَظةَ نقودي
وهو لي ينافقْ
ابتسمَ لي كَمِعْلقِ نهديْ زوجتي
كالدقائقْ
قِ
التي تدقُّ في رأسي
تدقُّ
تدقُّ
تدقُّ
في رأسي الدقائقُ تدقْ
دقائقي مِحْنَتي
كالدقائقْ
قِ
التي تدقُّ في رأسي
تدقُّ
تدقُّ
تدقُّ
في كياني الدقائقُ تدقْ
دقائقي مُدْيَتي
الشقاءْ
قبضتُ على يدِهِ لأسلِّمَهُ إلى الشرطةْ
ةِ
فسلمني الغباءُ للبغاءْ
الشرطةُ البغاءْ
ءُ
والأمانةُ الغباءْ
حاولتُ أن أهربَ من يدِهِ فلا يسلمني إلى الشرطةْ
ةِ
فسلمتني السَّرَّاءُ والبغضاءُ للعارْ
العارُ القميصْ
صُ
والشرفُ السَّرَّاءُ والبغضاءْ
في ماخورِ الأمانةِ بنكْ
في ماخورِ الشرفِ مسرحْ
خرجتُ منِ البنكْ
كِ
ودخلتُ في المسرحْ
كانَ مليئًا بالقمصانْ
القمصانُ تصفقُ للنقودْ
دِ
والنقودُ تنحني شاكرةْ
لَمَّا فجأةً هجمتِ القمصانُ على النقودْ
كانتْ لحظةٌ منِ اللحظاتِ التاريخية النادرةْ
أوسترليتزُ ثانيةْ
هجمتِ القمصانُ على القمصانْ
عَلَمِينُ أولى
* * *

في شارعِ بيغالَ دعتني المرأةُ الملطخةُ بالشبقِ إلى فندقٍ رخيصْ
كانتْ النهودُ عندَ بابه لوحةً تكعيبيةْ
اتبعني قالتْ دونَ تكليفْ
وبما أنني لا أطيقُ رائحةَ بيكاسو
تركتُهَا
اشتريتُ جرعةَ مخدراتٍ من أحدِهِمْ
وبما أنني لا أدخنُ السيجارَ كرونالدو
حقنتُهَا
انزويتُ مَعَ الذينَ يشخونَ بينَ أحذيتِهِمْ
شخختُهَا
خرجتْ ابنتي مِنِ الفندقْ
قِ
وجذبتني من ذراعي كالكلبِ مِنْ ذيلِهْ
أو من ذيلي كالكلبِ مِنْ ذراعِهْ
اصعدْ معً المرأةِ قالتْ
يا لكً من قاسي القلبْ!
كانتْ تريدْ شيئًا آخرْ
طَلَبَتْ مني أن أشتري لها جرعةَ
فلبيتْ
تُ
وأنا آخرْ
لم أكنْ قاسيَ القلبْ
كنتُ أبًا طيبا
من نوعٍ آخرْ
سحبتُهَا مِنْ يدِهَا إلى الزاويةْ
هنا جَنَّتُنَا قالتْ ابنتي
هنا لحظتُنَا الغاوية
اختطَفَتْهَا الأحذيةُ مني
وأنا أنظرُ عاجزا
كنتُ مخدرًا كعواهري أنفسِهِمْ
بائسا
حشرةً منِ الحشراتْ
تِ
كنتْ
تُ
أو جرذًا نائسا
كانَ القيْ الذي أغرقُ فيهِ أثمنَ شيءٍ في الوجودْ
كانَ عاري
وأنا أنظرُ إلى ابنتي العاريةْ
كانَ شرفي
وأنا أشتري تذكرةَ سينما
* * *

اقتلْ
هل تظنُّ حَاكِمَكْ؟
حَاكِمُكَ لا يستحقُّ القتلْ
اقتلْ من يستحقُّهْ
أبوكَ أو أُمُّكْ
كَ
أو أختُكْ
الشرفاءْ
همْ يستحقونَ القتلْ
لَ
كما في الإلياذةْ
جُنُونُ الساحراتْ
الصيادونَ يقتلونَ الشرفاءَ مِنِ العصافيرْ
رِ
والنبلاءْ
والبشرُ ليسوا أحسنَ منهمْ
جنونُ محللي الأنباءْ
البشرُ مشروعٌ للقتلْ
لِ
بينَ بشرٍ لا يجدونَ الرغيف (الويسكي)
جنونُ المراهقاتْ
اقتلْهُمْ تقتلِ الشرفْ
فَ
فلا يعدْ لحاكمِكَ ما يجدُهُ من مبررٍ للحكمْ
مِ
ليعيشْ (لينيك)
البحرُ في تونسَ أخضرْ
البحرُ لا سمكَ فيهْ
البحرُ لُجْ
جٌ
البحرُ يأسٌ عميقْ
انقلبَ البحرُ على البحرْ
رِ
وجرفتْ أمواجُهُ البشرَ إلى قعرِهْ
وأنا مِنِ البشرْ
رِ
واحدْ
دٌ
غيرُ واحِدْ
واحِدٌ غيرُهُمْ
واحِدٌ غبرُنَا
كانَ الظلامُ مُخَيِّمَا
وفي الظلامِ الدامسِ راحَ كلُّ واحدٍ منا يبحثُ عن قبرِهْ
لم نجدْ قبورًنَا
لم نكنْ نعرفُ في قبرِ العبثِ كنا
كانَ العبثُ أخبثَ منا
كنا الخبثْ
ثَ
والعبثُ كانَ أخبثْ
ثَ
مِنَّا
لم نقتلْ أختَنَا
رمانا العبثُ في جوْفِهْ
كانَ انتقامُهُ منا
كانَ انتقامُ حكامِنَا بنا مِنِ العبثِ نفسِهْ
لَمَّا رمونا في جوفِ اللُّجْ
عِبئًا كنا عليهمْ
عبئًا صرنا عليهْ
* * *

في الحيِّ اللاتينيِّ كانَ شاعرٌ يقطعُ أمامَ روادِ أحدِ المقاهي ذراعيه مقابلَ بعضِ الملاليمِ قائلاً "يدايَ قصيدتايْ"
وكانت طفلةٌ صغيرةٌ تبكي على أمِّها ورجالُ الشرطةِ يغتصبونَهَا
يدايَ حكايتايْ
دخلتُ في اللوحةِ المعاصرةِ دخولي من بابٍ للكوميديا الإنسانيةْ
يدٌ في فمِ أمِّهَا
ويدٌ في فمِ ابنتِهَا
كانتِ اللوحةُ التي لا رائحةٌ للأدهانِ فيها
رائحةُ المنيْ فقطْ فيها
رائحةُ الجوهرِ التَّفِهِ فقطْ فيها
رائحةُ الإنسانِ بلا إنسانيتِهِ فيها
بلا ماضٍ بلا حاضرٍ بلا مستقبلٍ باختصارٍ بلا زمانٍ يملأُ المكانْ
نَ
وإصبعٍ تنكشُ الذاكرةْ
دخلتُ كلي في ماخورِ الاغتصابِ تحتَ سماءٍ كلُّ أنوارِ باريسَ تعميها
كانَتِ الرماحْ
وكانَ كلبٌ ينبحُ ويضربُ على الرصيفِ بيديهِ وقدميْهْ
كانَ بلزاكْ
كانَ يصرخُ بي انظر أيها الأعمى إلى أشلاءِ العالمْ
أشلاءُ العالمِ من صنعي وصنعِكْ
كَ
هناكْ
لم أكنْ أعلمُ أنني كبلزاكَ مجرمٌ في حقِّ الإنسانيةْ
خرجَ أبطالنا الذينَ لم نقتلْهُمْ من كُتُبِنَا
كانوا الأنانيةْ
أنكروا علينا الحقْ
قَ
أمامَ إنكارِنَا للذاتْ
مما أثارَ أنا وبلزاكُ استنكارَنَا
تفرقوا في المواخيرِ والحاناتْ
لم يعودوا إلى كتُبِنَا
تركوا صفحاتِهَا بيضاءْ
.....................
في الكنيسةِ المجاورةِ أحدُهُمْ يعزفُ على قيثارَ هنديّْ
كانَ جسدي الذي بصقتُ عليهْ
هِ
وأنا أفكر في أن الوقتَ قد صارَ متأخرا
أحدُ المارينَ راحَ يصفِّرُ لَمَّا صاحَ فجأةْ:
أنا سوريّْ!
ثم انفجرَ باكيا
عندما بحثتُ عنهُ في العتمةْ
وجدتُ شجرةً تبكي
* * *

أهلآً بماخورِ الشرفْ!
أهلاً بماخورِ الأخلاقِ الحميدةْ!
أهلاً ببيضِ الصِّدقِ المفقوسْ!
كُلُّها شرورْ
رٌ
والشرورُ كلُّهَا
دخلتُ في ماخورِ الشرْ
كانَ لوحةَ الإنسانيةْ
لوحةَ الإنسانيةِ كلِّهَا كانْ
كانتِ الرائحةُ منها تفوحُ عَطِنَةْ
قيئيةْ
شخاخيةْ
غائطيةْ
منييةْ
ماخوريةْ
باختصارٍ إنسانيةْ
كلُّ ما في جسدِ الإنسانِ من "معاملٍ" يُسْتَغَلُّ فيها الإنسانُ
كانتِ الرائحةُ منها تفوحُ نَتِنَةْ
كانتِ الإنسانيةُ جثثَنَا
نَتِنَةٌ رائحتُهَا
رائحتُها نَتِنَةْ
كانَتْ رائحةُ الإنسانيةِ في ماخورِ الشرِّ نَتِنَةْ
كانتْ أقلَّ خبثًا من رائحةِ الكلابِ في ماخورِ الخيرْ
كانتْ رائحةُ الإنسانيةِ نَتِنَةْ
كانتْ رائحتُهَا نَتِنَةْ
نَتِنَةْ
نَتِنَةْ
كانتْ رائحةُ الإنسانيةِ نَتِنَةْ
نَتِنَةْ
نَتِنَةْ
نَتِنَةْ
مجرمةٌ رائحتُهَا
رائحتُهَا مجرمةْ
الكلابُ لم يكونوا جثثًا مثلَنَا
كانوا الإنسانيةَ قبلَ أنْ تَنْتَنْ
كانوا الإنسانيةَ قبلَ أنْ تعتادَ على أكل البويابس في مارسيليا
كانوا الإنسانية قبلَ أنْ تأسنْ
عندما كانتِ الإنسانيةُ قدمَ سمكةْ
عندما كانتِ الإنسانيةُ الشيءْ
ثم اسمَ الشيءْ
عندما كانتِ الإنسانيةُ الإشارةَ إلى شيءٍ لا يعني شيئا
قدمُ سمكةْ
لم تَنْتَنْ بعدُ في تونسْ
كانتِ الإنسانيةُ شرَّهَا كما تريدُ لنفسِهَا لا كما يُرادُ لها
الإنسانيةُ إلهُ نفسِهَا
وشيطانُ نفسِهَا
الإنسانيةُ رصاصةٌ قُبْلةٌ ضربةٌ بصقةٌ طعنةٌ حذاءْ
دخلتِ الأضدادُ في معركةْ
ةِ
الأخلاقْ
قِ
لتنتصرَ البنوكُ عليها
كانتِ الأبطالُ الذينَ أنا وبلزاكُ قتلناهُمْ
في شارعِ السان ميشيل النافوراتْ
في شارعِ السان ميشيل سائحةٌ قبلتني
في شارعِ السان ميشيل شحاذْ
ذٌ
وقرنفلةْ
في شارعِ السان ميشيل غرباءٌ أحبهمْ
في شارعٍ السان ميشيل حضوري الغائبْ
في شارعِ السان ميشيل...
كنا أنا وبلزاكُ أكبرَ شِرِّيرَيْنِ في العالمْ
أعتاهُمْ
كنا أفظعَ مُجْرِمَيْنَ في الكونْ
أدهاهُمْ
كنا أقذرَ مُرَوِّعَيْنَ للبشرِ وللحجرِ وللبقرْ
أشقاهُمْ
يشقى الشريرُ لأنَّهُ وحدُهُ الإنسانْ
* * *

قتلتُ القِيَمَ في ماخورِ القِيَمْ
كانَ فعلي الأولُ الحرُّ لأصفي حسابي مَعَ الإنسانيةْ
كانً عليَّ أن أفعلً شيئا
ثم قتلتُ الادعاءاتَ في ماخورِ الجمهوريةْ
كانَ فعلي الثاني
ثم قتلتً الأهدافْ
الأهدافَ "العظمى"
نعم
قتلتُهَا
في ماخورِ المطالبِ الشعبيةْ
كانَ فعلي الثالثْ
ثم قتلتُ الكياناتَ في ماخورِ المحافلِ الدوليةْ
كانَ فعلي الثلاثمائةُ ألفٍ وألفْ
أُخْطِئُ في الحسابِ عن عمدْ
دٍ
للسريِّةْ
شهرزادُ لمْ تجدِ الوقتَ الكافيَ لتحكي عنها لشهريارْ
شهرزادُ الماخوريةْ
برجُ إيفلَ لمْ يجدِ الوقتَ الكافي ليحكي عنها للسياحْ
برجُ إيفلَ الماخوريّْ
قوسُ النصرِ لمْ يجدِ الوقتَ الكافي ليحكي عنها للجزارينْ
قوسُ النصرِ الماخوريّْ
شَكَرَتْنِي نملةٌ لم تكنْ شريفةْ
كانت سحاقيةْ
أَشْرَفَ مِنْ كُلِّ رَبْطَاتِ المشانقْ
قِ
كانتْ
والأخرى الحريريةْ
ثم كان فعلي الثلاثمائةُ ألفٍ وألفينْ
فعلَ حقيقةِ الحقائقْ
قِ
كانْ
نَ
والأخرى السريريةْ
قتلتُ القراراتَ في ماخورٍ سِرِّيّْ
كان فعلي الزائدْ
أهمُّ فعلٍ أقوم بِهِ من أجلِ الحيوانيةْ
كانَ فعلي الفستقُ الحلبيّْ

أفعلُ فيهِ فعلاً أفعلُ فيهِ فعلاً كريهًا أفعلُ ما أشاءُ أفعلُ ما يبدو لي ليسَ بوسعي أن أفعلَ غير ذلك فعلي التناسلي (النيكي) فعلي اللازم فعلي المتعدي بالفعل ردةُ فعلي فعلاً فعلي كَ جُملتي فعلية اعترافي فعليّ فعلياً فاعل علةٌ فاعلة قوةٌ فاعلة فاعل فواعل اسمُ الفاعل نائبُ الفاعل فاعلية فاعليةُ دواء فاعليةُ وسيلة لا فاعلية فَعَّال غيرُ فَعَّال دواءٌ فَعَّال دورٌ فَعَّال فعالية مفعول اسم المفعول مفاعيل مفعولٌ رجعي مفعولُ سُم مفعولُ دواء مفعولٌ بِهِ مفعولٌ فيهِ مفعولٌ لَهُ مفعولٌ من أجله مفعول مطلق فعَّل تفعيلاً أبياتًا تفعيل تفعيلة تفعيلات تفاعيل فاعَلَ فِعالاً مفاعلة مفاعلٌ نوويّ مفاعلٌ ذريّ تفاعلَ تفاعلاً تفاعلتِ الغازاتُ لتغطي تفاعُل تفاعُلية تفاعلٌ كيميائيّ تفاعلٌ ذريّ تفاعلٌ متسلسل تفاعلي انفعل انفعالاً انفعل بِ انفعال قرأَ بانفعال خففَ منْ شدةِ انفعالِهْ اضطربَ منِ الانفعال سرعةُ الانفعال سريعُ الانفعال سهلُ الانفعال كلمةُ انفعلَ علامةُ الانفعال انفعالي انفعالية لا انفعالية منفعل منفعلية افتعلَ افتعالاً على

لكني وأنا أتناولُ جُرعتي مَعَ ابنتي
تذكرتُ أنني إنسانْ
أو
بالأحرى
الإنسانُ الذي كنتُهْ
أنا اليومَ الإنسانْ الذي لم أكُنْهُ
أنا اليومَ كلبٌ أو ضبعٌ أو ذئبٌ أو نعلٌ أو قميصٌ أو حافرُ حصانْ
أنا اليومَ ماخورٌ في بنكِ أمريكا

انتهى

د. أفنان القاسم
عميد الأدب العربجي

ramus105@yahoo.fr

E-mail me when people leave their comments –

You need to be a member of poetsofottawa3 to add comments!

Join poetsofottawa3

Comments

  • كل ما يدور اليوم من أحداث في فرنسا أنا قلته بعض أسابيع قبل وقوعه، وأحيانًا كنت من الدقة بحيث رسمت الوقائع نفسها والأماكن نفسها والشخصيات نفسها، ولم أطرح الأسباب فقط بل والأبعاد وآفاق هذه الأبعاد في المستقبل... الشيء نفسه ينطبق على الواقع العربي، فالتراجيديا إنسانية، وهي تحت هذا المعنى كونية، كل هموم الإنسان ومشاكل العالم تم التعبير عنها في هذه الملحمة...

  • شو هالبهدلة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ليش فتحت المقاطع على بعصها يا محمد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ انت حتجنني والا إيه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أنا صححت كلمة واحدة من النص الأول!!!!!!!!!!!!!!!!! فتحك المقاطع على بعضها بهدل القصيدة!!!!!!!!! القارئ لن يعرف أولها من آخرها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الله يسامحك!!!!!!!!!!!!!!!!!

This reply was deleted.
Ottawa International Poets and Writers for human Rights (OIPWHR)