قرأت كثيرا عن فلسفة الموت واللذة والألم ، وتزودت بتلك الالوان والصنوف العجيبة من قصص الخيال الا متناهية في وصف الآلم وكينونته ، وعن ما يصيب هؤلاء المتألمين من أقصاء وبعد وعذاب ليس له وصف أو شكل يمكن أن يفسر مدي المعاناة التي مروا بها ، وعلي نفس الوصف نفسه نجد النقيض في من كانوا السياط علي جلود اؤلئك المتألمين فتجدهم يشعرون باللذة كلما زاد ألمهم وعذابهم .
قرأت كثيرا من القصص المبكية والمؤلمة ،لكنني لم أجد قصة أغرب واقعا وأظلم تعاملا ،وأكثر تعسفا مثل قصة الأم فداء دبلان تلك الأم التي حرمت بالجهل والقسوة والعناد العائلي والعشائري وأنعدام الشفقة في القلوب من رؤية أبنائها منذ ولادتهم فهي غير الأمهات ، بل وغير المطلقات أيضا لحظها العاثر أن وقعت بين براثن أب لا يرحم أطفاله قبل والدتهم التي تتلمس رؤيتهم الان ،لذلك لا يمكن مسواتها مع قصص وفلسفات الموت والألم .
لا أريد أن أتحدث عن تفاصيل أو أن أتطرق إلي ذكريات يمكن من خلالها أن ننبش جرح قد أندمل ،ولكنه لا زال رطبا نديا فكل ما تحمله الأم بعد أبعادها من عش الزوجية صورة لأطفالها الصغار ،لم تكتمل ملامحها بعد فغياب أم صابرة محتسبة عن أطفالها 5 سنوات لا تطيقه الطيور المهاجرة وليست ادمية من لحم ودم لا تبيت الليل الا ودموعها علي عينها جاءت علي نفسها وتحملت ولا أن يتأذي أولادها لكن البعد قاسي والشوق للاطفال أقسي وأمر ، وقد تحاورت كثيرا مع الأخت فداء فكانت دوما تتلمس للطرف الأخر أعذارا ولم تكن متحاملة كالمطلقات التي ما ان تلبث وتتعرض لزوجها وتنهال بالكلمات القاسيات بل كانت متلطفة متأدبة فأستحقت بصبرها وأدبها ان يحتشد ورأئها المنتصرون لقضيتها ولان دبلان تلمست منها ومن مقالاتها بهذا الصدد أنها لا تتبني ثقافة نشر الغسيل كالاخريات بل يكفيها أن تتطالب بنزاه وصورة أدبية حقها الذي كفله لها القانون أثرت الأبتعاد عن أي شئ يمكن ان يخرجنا عن الهدف المنوط وهو إيجاد طريقة لأعادة أطفالها لحضنها .
لم توفر دبلان جهدا في أيجاد مخرجا لمشكلتها الا وقامت به وما من باب الا وطرقته وأخيرا صرختها التي وصلت الحكومة في قطاع غزة لأيجاد سبيلا لرؤية أطفالها ولو في زنازين أحدي السجون وأعتقد ان مطلبها لابد أن يأخذ بعين الاعتبار ولابد أن يكون هناك مراعاة لظروف أم تستحق أن تحتضن أطفالها وحكومة غزة نناشدها ونشد علي يدي المسئولين فيها وأنتم الاحق والأولي بتطبيق الشرع وقد بينت الشريعة أنه إذا حصلت الفرقة بين الزوجين فالأم أحق بحضانة الأولاد من الأب ،
فإن تزوجت سقط حقها في الحضانة ، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال لتلك المرأة التي طلبت حضانة ولدها من زوجها – بعد أن طلقها - : " أنت أحق به ما لم تنكحي
" .
وفي قضية الأخت فداء لم يحدث الشرط الذي يمكن ان تمنع من خلاله في حضانة أطفالها ،فداء دبلان متزوجة وأم شرعاً وقانوناً ولكن قيد التنفيذ، بل هي ام تستحق ذلك اللقب فقد صبرت وصابرت وتحملت تلك السنين الطوال من الحرمان وغياب قرة عينها من حضنها الذي لا يوجد عندي أدني شك انهم اكثر حاجة إليها في تلك الأوقات ،وليس طريق أقصاء الأم عنهم طريقا لمصلحتهم لان الدين يراعي المصلحة العامة كما المصلحة الخاصة للمجتمع ، أعتقد أن فداء دبلان لا تريد الا حقها المشروع في رؤية أطفالها و لابد أن يكون للقانون الكلمة الفصل في ذلك وهي رعاية الأحكام الدينية وحفظها من التلاعب وتبليغها والدفاع عنها فليس من حق التشريع أن يحكــم بما تحلو له ذاته أليس من الأستبداد أن تحرم أم من أطفالها في وجود ما يسمي بالقانون أخيرا على الشرفاء من كتاب وإعلاميين وسياسيين وأطباء وعلماء وغيرهم من الناشطين القيام بمساندة فداء في قضيتها الانسانية العادلة لعلنا نكون سبب في ان تري تلك المسكينة أطفالها .
Comments