عندما أنشئ كيان الفصل العنصري الصهيوني في فلسطين المحتلة عام 1948، سميت الحدود الفاصلة بينه وبين الضفة الغربية التي خضعت لإدارة أردنية بالخط الأخضر.كانت الحدود آنذاك شبه مفتوحة باستثناء القرى الحدودية المكتظة بالمدن والقرى الفلسطينية التي فصلت الكيان عن بعض المدن مثل بيت لحم والقدس و قرى منها بتير وبيت صفافا حيث ازدحم خط الهدنة بالأسلاكلكن تطور الصراع الفلسطيني الصهيوني أدى إلى تعدد أشكال الجدران المشيدة بين الوطنيين الفلسطينيين والمستوطنين الصهاينة. فمنذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 أزيلت الأسلاك الشائكة من مناطق خط الهدنة. لكن ارتفاع وتيرة المقاومة الوطنية الفلسطينية وتطورها وضعت بعض السياسيين الإسرائيليين أمام إجراءات تعسفية جديدة.وبعد توقيع اتفاقية "كامب ديفد" بين كيان الفصل العنصري ومصرعام 1981، حاول الأول تثبيت خط الهدنة بين قطاع غزة وسيناء، ما أدى إلى فصل مدينة رفح إلى شطرين، فأصبحت بما يعرف برفح الفلسطينية ورفح المصرية.وهكذا كان لاتفاقية "كامب ديفد" أثرها السلبي على حياة الوطنيين الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة حيث تم هدم عشرات المنازل الفلسطينية لبناء الجدود الجديدة بتشييد شارع بعرض يصل إلى مئة متير تحيط به الأسلاك الشائكة من الجانبين. إن مشهد الجدار الشائك الذيشيد بعضا منه فوق أسطح المنازل الفلسطينية، كان وما زال مثيرا للاشمئزاز لما تسبب به من كارثة اجتماعية أصابت مئات العائلات الفلسطينية القاطنة في مدينة رفح.وفي عام 1986 زار موشي آرنس، وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، بيت لحم يمرافقة عدد من العسكريين الصهاينة واعتلوا تلة تشرف على مخيم الدهيشة للاجئين المجاور. حينئذ اقترح آرنس بناء جدار اسمنتي عالٍ حول المخيم إلا أن مستشاريه نصحوه بعدم بناء جدار اسمنتي واستبدال فكرته ببناء جدار من الأسلاك الشائكة لمنع مهاجمة حافلات المستوطنين أثناء سيرها على طريق بيت لحم الخليل.وبرغم تمديد شبكة كهربائية ساطعة على الطرق الرئيسية المحاذية للمخيمات والقرى الفلسطينية المتاخمة للشوارع العامة.وبعد أن جربت فكرة الجدار حول مخيم الدهيشة، شيدت جدران الأسلاك الشائكة خول بقية المخيمات الفلسطينية في الضقة الغربية ( ) وقطاع غزة ( )، كما تم بناء شبكة كهربائية تعمل خلال الليل لكي تكشف تحركات المدنيين في المخيمات لكن تلك الجدران فشلت في حماية المستوطنين فبدأ الكيان بشق طرق سريعة تربط المستوطنات الكبيرة بعضها ببعض ومنع الوطنيين الفلسطينيين من استخدام تلك الطرق كما كان الحال عليه في جنوب أفريقيا إبان حكم نظام الفصل العنصري.ولما فشلت تلك السياسة ذهب المفكرون الصهاينة إلى أبعد من ذلك، فأغلقوا مداخل المخيمات بالحواجز الإسمنتية ما أدى إلى فصلها عن الشوارع العامة واضطرار سكانها لسلوك طرق وعرة بصعوبة.ومع اندلاع الانتفاضة الأولى اتسمت التدابير الإسرائيلية بزيادة عدد الحواجز العسكرية على الطرق فكان منها الثابتة عند مداخل المدن وأخرى أطلق عليها الفلسطينيين (الحواجز الطيارة).لقد ابتكر اليهود فكرة شبيهة بتلك التي استخدمت إبان الحكم النازي حين وزعت بطاقات هوية خضراء على النشطاء الوطنيين لتمييزهم عن غيرهم ما أدى إلى التنكيل بهم عند تلك الحواجز واعتقالهم في نهاية الأمر. كما أعطيت المركبات أرقاما تميز كل مدينة فلسطينية عن الأخرى مثلما عمل بها في العهد النازي.وهكذا وقع الوطنيون الفلسطينيون بين براثن الحواجز العسكرية والجدر المحيطة بمساكنهم، وفي تلك الأثناء عزز الكيان السياج الحدودي على خط الهدنة الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948 من ناحية وبين الضفة الغربية والأردن من ناحية أخرى حيث ثبتت أجهزة رقابة متطورة لكشف المتسللين للخؤول دون تسلل رجال المقاومة الوطنية.واتبع أسلوب بناء الجدران في محيط المستوطنات لحماية المستوطنين، وبذلك أصبحت فلسطيني التاريخية مزدحمة بالجدر الاسمنتية والأسلاك وحقول الألغام والجواجز العسكرية (600 حاجز عسكري).وما أن اندلعت انتفاضة الأقصى عام 2000 حتى اتخذ منحى بناء الجدران منحى جديدا اتسم ببناء حائط الفصل العنصري في الضفة الغربية. لقد شيدت أبراج المراقبة على طول المسافة التي امتد عليها الجدار كما شقت الطرق لتسيير دوريات عسكرية مؤللة على تلك الطرق. وفي بعض المواقع التي بني عليها الجدار زرعت الألغام وثبتت كاميرات وأجهزة تنصت تم اختراعها في إسرائيل للكشف عن متسللين عبر الجدار.وكان للحصار المفروض على قطاع غزة، أثر ليس على الخريطة الديمغرافية في فلسطين المحتلة، وإنما على السلوك البشري الذي ابتكر فكرة بناء الأنفاق لجلب المواد الغذائية عبر الحدود بين مصر والقطاع وفاق عدد الأنفاق الألف نفق تم حفرها على عمق يتراوح بين عشرة وخمسة عشر مترا.قبل تحرير قطاع غزة واندحار جيش الاحتلال الإسرائيلي، كان أريل شارون رئيس وزراء كيان الفصل العنصري طرح فكرة بناء نهر اصطناعي على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر لكن تلك الفكرة لم يتم تنفيذها إثر اندخار.لكن ذلك الاندحار لم يمنع كيان الفصل العنصري من الاستمرار في فرض سياسة العقاب الجماعي بفرض حصار عسكري غير مسبوق على قطاع غزة وشن أوسع هجوم شهده القطاع في 27 ديسمبر 2008 والذي أدى إلى استشهاد نحو 1400 وإصابة المئات بجروح خطيرة بما في ذلك تدمير مئات المنازل والمدارس والمساجد، وهكذا أضحى الوطنيون الفلسطينيون في العراء بعد أن خمدت غبار معركة مرعبة ضحاياها من المدنيين.وبرغم اتساع حجم مناهضة الحرب ضد القطاع في العالم، والمطالبة بفك الحصار الصهيوني، إلا أن الكيان ماض في سياسة التجويع وخلق حالة اجتماعية واقتصادية وتعليمية مزرية في أوساط الوطنيين الفلسطينيين.وما أن ركنت الحملة المناهضة لكيان الفصل العنصري وتحميله المسؤولية عن وقوع جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية خلال ما أسماها بعملية (الرصاص المسكوب) كانت الاستراتيجيات تعد في دهاليز السياسة الصهيونية والأميركية والمصرية.، وهذه المرة خطة بناء جدار فولاذي في عمق يزيد عن عشرين متراً في رمال غزة.وحسب التقارير فإن الجدار يبنى من الفولاذ القوي وصنع بالولايات المتحدة وقد تم اختبار مقاومته للقنابل، ووصفته بأنه أكثر متانة من خط بارليف الذي بني على الضفة الشرقية لقناة السويس قبل حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 وفق ما نقلت عنها صحيفة "المصريون" المصرية بعددها الصادر الثلاثاء.إن عملية تشييد الجدار الحديدي بدأت بالفعل باستخدام ألواح عملاقة من الفولاذ الصلب، واستمرار أعمال الحفر الرأسية بعمق الأرض.
E-mail me when people leave their comments –

You need to be a member of poetsofottawa3 to add comments!

Join poetsofottawa3

Comments



  • من فضلك الغي اسمك
    و
    e-mail etc
    من جسد المقال. الاسم والصورة تلقائياً تنزل مع كل نشاط للكاتب
    والتلفون.
    والسيرة الذاتية بامكانك وضعها في صفحتك الخاصة فاذهب الى
    My page then my profile and download your biography.

    The editor-in-cheif
This reply was deleted.
Ottawa International Poets and Writers for human Rights (OIPWHR)