سيدي الرئيس.. ماذا تريد؟! "الوعد بالديمقراطية من ديكتاتور، شيك بلا رصيد" (هيمنجواي)

كثير من اليمنيين لا يعرفون ماذا يعني المستقبل؟؟ إننا منذ مائة سنة أو يزيد مشغولون بسلطتنا، أو بالأصح برجل واحد فيها يمثل هذا الشعب فبحياته ترهن البلاد فهو مستقبلها وعندما يمرض أو يصاب بمس من الجنون نصاب بهستيريا "السلطة" وعندما يموت نبدأ مشواراً جديداً مع رجل جديد ومستقبل جديد يؤرخ له من تاريخ السقوط أو الصعود؟؟. لقد سقط عرض الإمام وطرد الاستعمار.. ومعهم سقط آلاف اليمنيين وطرد المئات.. وتأسست دولة "الثورة" اعتماداً على الرجل "الرمز".. ونحن في نهاية القرن العشرين لا نفهم ماذا يجب علينا أن نكون.. هل نظل عبيداً للحاكم؟؟ وماذا سيستفيد الحاكم من استعبادنا؟؟.. إن الحكام في الشعوب الضعيفة يتحولون إلى عبيد أيضاً، ولا يوجد أي منطق يبرر القول بأن قادة اليمن أقوياء وناضجون، لكن الشعب ذليل ومتخلف.. ذلك لأن الله فطر الإنسان على الحرية، وفي الجمهورية اليمنية رجال كثيرون متعلمون وأحرار، ويفعل الحاكم ومن أجله أصبحوا أذلاء ومتخلفين، وبهؤلاء التلاميذ يستقيم وضع الدولة في نقطة ما بين الضعف والانهيار، وما يعزز هذا الزعم شواهد تتفق أحداثها مع مجرى العقل المتسلط: في أحداث أكتوبر 91م "مقتل ضابط المرور في صنعاء – وأربعينية الشهيد الحريبي"، كان جهاز الأمن – والإعلام الرسمي، هم القضاة الحقيقيون الذين دبروا وفصلوا في الأحداث. * وفي جرائم الاغتيالات "عمر الجاوي – ماجد مرشد – عبد الواسع سلام، القاضي الحوثي في صعدة الأمين العام المساعد لحزب الحق..، وضعت أجهزة الأمن والإعلام نفسها في خدمة الاتجاه الغالب لتأجيج الصراع السياسي. وفي الأحداث التي بدأت في تعز يوم 9 ديسمبر 92م – واتسعت إلى عدد من المحافظات كانت السلطة بنواياها تختفي وراء القدرة على التخريب – والقدرة على اسناد التهم. وحين أوعزت السلطة لرجالها بإعلان قيادة شرعية لحزب رابطة أبناء اليمن – كان الإعلام – والأمن هم المنفذون. ويوم الثلاثاء الماضي لعبت نفس الأجهزة "المتحركة" دور القاضي – والدفاع، حين تحول سلطان السامعي عضو مجلس النواب إلى مجرم في أول سابقة من نوعها نفذها بجرأة وصلف جهاز الأمن "المصدر الأمني" وجهاز الإعلام "وكالة سبأ – وتلفزيون مطهر تقي وصحف الدكتور جرهوم".. حينها ولا زالت القضية غامضة صدرت التهمة، وتقرر فعل الإجرام بطريقة تثير حتى العبيد.. ومع أسفنا لضحايا هذا الحادث، مع ذلك تبدوا كل المؤشرات مقلقة على مستوى الدولة: فعندما يتحول التلفزيون والمصدر الأمني إلى قضاة، يصبح وجود الإنسان مهدداً في هذا الوطن. - لقد قيل أن الشهيد إبراهيم الحمدي "في بيان رسمي" قتل لأنه صادق فرنسيات. - وقيل أن الشهيد سالم ربيع علي "في بيان رسمي" خالف نهج السلطة. - واتهم الشهيد ماجد مرشد – بأنه لم يتوقف للتفتيش. - ويتهم سلطان السامعي –بأنه يمتلك سلاحاً مصرحاً به من نائب وزير الداخلية وليس من الوزير (!!) – وأن جنود الشرطة العسكرية "يرحمهم الله" كانوا ضحايا الواجب العام. وفي الأمن – والإعلام ليس هناك أحد يفهم القانون والدستور – لأن توقيف المواطن وتفتيشه، يحرمه الدستور إلا بأمر قضائي (المادة 22) ولدى السلطة وأجهزتها، يتحول إقامة نقاط التفتيش والإيقاف إلى واجب عام (!!). كما أن قانون الصحافة يحرم على وسائل الإعلام نشر كل ما يؤثر على إجراءات التقاضي وسير العدالة .. ولدى السلطة يتحول النشر إلى حكم قضائي (!!) إنني لا أتخيل أن موظفاً أو مسئولاً في جهازي الأمن، والإعلام يمارس دوره وواجبه بتلقائية ودون أوامر.. فالذين يحترمون واجباتهم في هذين الجهازين لا يولون مسئولية أصلاً، ولا أثر لهم سوى في كشوفات الرواتب. ولذلك فوكالة سبأ ليست حريصة على حق الناس في المعلومات إلى درجة أنها تتصل بمصدر أمني مسئول ليروِ لها قصة أي حدث.. والدكتور جرهوم ومطهر تقي لا يحترمان قانون الصحافة حتى نصدق بأنهما ديمقراطيان بسماحهما نشر أخبار على أنها تهم الرأي العام وهي تضلله. وجهاز الأمن: ليس الوزير فيه قادر على إقناعنا بأن هذا الجهاز يخدم الشعب وحريص على أمنه ويمتلك مصداقية بحيث يصدق المواطنون كل ما يقوله "المصدر الأمني" في وزارة الداخلية. إذاً هناك من يوجه هؤلاء الذين يديرون الكمائن، ويخالفون الدستور، وقانون الصحافة ويرهبون "شعب" السلطة.. وهناك من يوجه هؤلاء إلى عدم الإشارة لأشخاص وأحداث أخرى..؟ إن طارق الفضلي – لم يتحول إلى مجرم في بيانات وزارة الداخلية – وقابله رئيس الدولة..؟؟ والذين اقتتلوا في صنعاء بالقرب من دار الرئاسة منتصف الشهر الماضي، ونهاية العام الماضي لم يكن فيهم مجرماً واحداً..!! ولم تصدر بيانات المصدر الأمني في أكثر حوادث الإرهاب والقتل.. وأكثر من عشرة آلاف قبيلي دخلوا العاصمة منتصف ديسمبر الماضي لم يطلب منهم تصريح حمل السلاح ولم تطاردهم الشرطة ولم…و.. وهناك عشرات من المشائخ و"العلماء" يسحبون وراءهم عساكر وأسلحة ثقيلة – يسرحون ويمرحون في المدن، وتؤدى لهم التحية في النقاط العسكرية التي فرضت ضد أشخاص بعينهم فحسب..؟؟ لقد فقدنا حتى حقنا في أن نتساوى بالظلم كمواطنين.. عندما نذل وننفذ الأوامر ونمتهن نتحول إلى أحذية ويقال بأننا تحولنا إلى – ربالات – كما قال سيدنا الرئيس. وعندما نرفع رؤوسنا يقال أننا عملاء وطائفيون ودعاة فرقة – كما قال سيدنا الرئيس – فما هو الحل إذاَ..؟؟ إن سلطان السامعي سيطاردون – وسنسمع المصدر الأمني – والإعلام – يقولون بأنه قاوم أجهزة الأمن فلقي مصرعه واستشهد اثنان من الجنود وهما يؤديان واجبهما.. ولذلك خرجت الأطقم العسكرية إلى منطقة سامع – ودخلت القرى وعبثت بالآمنين من الأطفال والنساء والشيوخ ".. وربما تصدر السلطة بياناً باسم أبناء سامع يشكرون مسئولي الأمن على لطفهم" – بينما القاتل إذا هرب إلى سنحان، أو خولان، أو الحدا أو آنس.. لا يتجرأ أحد الاقتراب من حد القبيلة، فعندما احتجز الخبير الكندي لم تفك أسره السلطة وجيشها وأمنها، بل خرج بوجه الشيخ عبد الله الأحمر الذي ضمن على الحكومة (!!) ونحن لا نريد أن يقتل القاتل منا ويهرب ولا نريد أن يرفع عنه العقاب، بل نرغب أن لا تفرغ عقدة النقص ضدنا، فالمعسكرات تنشأ حول قرانا ومدننا ونقاط التفتيش تفرض لاضطهادنا وابتزاز البسطاء منا، نريد أن ينفذ القانون ويحترم الدستور وهو العقد الذي يجمعنا، نريد عدم تجريم المواطن إلا بحكم القضاء، نريد أن تصفى الحسابات بطريقة أفضل من الكمائن والغدر والكذب والتشهير، نريد أن لا تكيلوا بمكيالين يا سيدي، وقضايا قتل كثيرة لا مجال لسردها الآن، لكنكم تغلقون ملفاتكم وتفتحون ملفاتنا.. الآن قد أدنتم سلطان السامعي وإذا برأه القضاء لهدأ قبيلة القتلى.. فأي دولة تريدون؟؟ ولعل الأمن – والإعلام – إذا فرض عليهما السير في هذا الاتجاه، فإن الديمقراطية من هذا النوع لن تصل باليمن إلى خير، لأننا سنسمع غداً أن محمد الفسيل أصيب بحادث مروري، وأن محمد عبد الملك المتوكل اختفى في بيروت، وطاهر علي سيف ضاع في طور الباحة، ومنصور أحمد سيف قبض عليه وهو يعد لانقلاب عسكري، وأن عبد الرحمن الجفري ضبطت معه مراسلات خطيرة، وأن مصطفى نعمان الطائفي ابن الطائفي (!!) أراد أن يفصل تعز عن اليمن وأن محاولته أحبطت في الوقت المناسب وأن عمر الجاوي غرق في خليج عدن، وأن القاضي أحمد الشامي اغتاله أعضاء من حزب الحق، وأن محمد سعيد عبد الله وجار الله عمر اغتالهما أنصار الدمج في الحزب الاشتراكي.. هكذا ستتساقط نجوم اليمن من هيثم قاسم، وسالم صالح، وياسين نعمان، وعبد الوهاب محمود، ومحمد علي هيثم، ومجاهد أبو شوارب ودرهم نعمان.. لكي يبقى الوطن مظلماً تعيش فيه الخفافيش. * فماذا بعد..؟؟ هل ستصلح البلاد.. هل ستحترم حقوق المواطنين، وستعم العدالة والمساواة هذه الأرض..؟؟ لقد سقط المئات من قبل: سقط الرقيب عبد الوهاب، والحربي – والوحش، ومحمد صالح فرحان، وأحمد عبد ربه العواضي – وأفلس عبد الغني مطهر، وامتهن آلاف الأبطال الذين فتحو الحصار عن صنعاء، وتركوا السلطة، ولم يتحسن الوضع.. كما أفلس عشرات التجار بسب سياسة الترشيد وفرضتم مشاركة الآخرين في محلاتهم ومصانعهم، وصارت حتى كشوفات الصدقات التي يوزعونها تنزل وتصعد إلى رئاسة الدولة، كما صار التاجر يتلقى الأوامر من علوي السلامي وأحمد حسين الباشا، وأمين عام الرئاسة، وإلا سلطتم عليه عساكركم ومسئوليكم في الواجبات والضرائب.. والمحافظة فصاروا من الذل ليس عليهم "هامة" ولا كرامة. إن وطننا إذا أرتم له الاستقرار بحاجة إلى إعادة الحسابات.. فليس في هذا البلد فئة واحدة فقط تحتكر القدرة على تصويب الرصاص، وصنع الكمائن وأنتم سيدي الرئيس: مسئولون عن المصدر الأمني، ووزير الداخلية – ومسئولون عن المغامرة المفاجئة لمطهي تقي، والإعلام "القضائي".. ومسئولون عن نقاط التفتيش والمعسكرات التي تحاصر مدننا وقرانا، وكأننا في مخيمات فلسطين المحتلة، واضطر الكثيرون لحمل السلاح وحشد المرافقين رغم أن ذلك أمر مزعج لنا. وأنتم سيدي الرئيس: مسئولون عنا نحن المتهمين بالعمالة والطائفية والتخريب، إذا لم تحيلوا كل متهم إلى قضاتكم رغم فسادهم – ومسئولون عن تجارنا الذين يجرون وراءكم مثل الخرفان ممطورة مسلوبي الإرادة. أنتم سيدي الرئيس (والمنفذون): مسئولون عن سلطان السامعي ورفاقه والبيانات التي يزورها الأمن والإعلام ومسئولون عنا جميعاً إذا أردت أن تبني دولة، فلك الطاعة.. فوطننا لا يحتمل المزيد من القهر، وخلق المزيد من الضعفاء لن يزيدك قوة.. فماذا تريد.. حسبنا وحسبك الله. إلى نيابة الصحافة بعدن نحن أكثر منكم حرصاً على تطبيق القانون.. فهل ستتحملون مسئولية تطبيقه ابدأوا برئيس الدولة ووزير الإعلام وعنواني في مدينة تعز ص.ب: 55254 تلفون: 217897 "صوت العمال" العدد (1099) 18/ 2/ 1992م
E-mail me when people leave their comments –

You need to be a member of poetsofottawa3 to add comments!

Join poetsofottawa3

Ottawa International Poets and Writers for human Rights (OIPWHR)