هل الجزيرة قناة مشبوهة؟ رد على مقال جلال الحبيبرغم أنه مقال هزيل من حيث كونه مليء بالتناقضات والمغالطات ولا يستحق الرد عليه فإننا سنرد عليه إكراما لقناة الجزيرة قناة الوعي العربي . حيث بدا الكاتب منذ بداية المقال يتناقض مع نفسه ويكشف خلفيته الاقصائية لحد يدفعنا للاعتقاد أن هذا المقال هو مجرد مقال تحريضي مدفوع الأجر لتشويه سمعة الجزيرة رغم أن هذه المحاولة كمن يحرث في البحر لأن ما يزعمه الكاتب في آخر المقال أن الوعي العربي لم تعد تنطلي عليه إدعاءات الجزيرة الموضوعية هو محض هراء ذلك أن اليوم الوعي الشعبي أكثر وعيا بدور الجزيرة في كشف المستور من تخاذل ووهن وفساد الطبقة الحاكمة وليس كما يدعي الكاتب أن المواطن العربي وعى دورها المشبوه, بل ربما هذا المقال يأتي في سياق التنسيق مع الأنظمة المستبدة التي أصبحت تخشى فضح أمرها فنحن مقدمون قريبا على انتخابات رئاسية والمعروف عن الجزيرة أنها تقوم بتغطية سير الانتخابات في كل بلدان العالم وفضح ما يحصل فيها من انتهاكات لحقوق الإنسان وتزوير إرادة الشعب وقمع للاحتجاجات والمظاهرات السلمية وهو ما كشفته الجزيرة من خلال الانتخابات الإيرانية الأخيرة وغيرها ومن هنا تأتي الخشية من كشف الجزيرة لما سيحدث في الانتخابات المقبلة في تونس التي ستجرى في أكتوبر وبالتالي نفهم مبرر الهجوم على الجزيرة فهذا يدخل ربما في نطاق التحضير للانتخابات الرئاسية وإيجاد المبرر لمنع تغطية الجزيرة للانتخابات بدعوى قناة مشبوهة وخطر على الأمن الوطني والقومي حتى لا يرى العالم ويسمع صوتا وصورة ما يحدث داخل الوطن العربي وهذا المقال محاولة يائسة وبائسة لتشويه القناة لأن الوعي الشعبي تفوق على وعي أشباه المثقفين من المرتزقة والأقلام المأجورة فليطمئن الكاتب فلن يجد آذنا صاغية لما يقوله وليس بمقدوره أن يمارس وصايته على وعي المواطن العربي من الصغير إلى الكبير ومن غير المتعلم إلى المتعلم لأنه لو أجرى إحصائيات لتفاجأ أن أغلب المواطنون العرب ومن بينهم التونسيون يتابعون الجزيرة كثيرا ويعتبرونها مصدرا إعلاميا موثوقا به لأنها صوت إعلامي مختلف عن بقية القنوات العربية الأخرى بما تقدمه من تغطية مباشرة لكل ما يحدث في العالم ووقوفها في صف القضية الأم وهي القضية الفلسطينية. فأين كانت الفضائيات العربية زمن الحروب الاسرائلية على لبنان صيف 2006 وفلسطين نهية سنة 2008 ألم تكن وقتها الفضائيات العربية ترقص على أنغام هيفاء وهبي وننسي عجرم وغيرهن من الفننات التافهات وكانت المواضيع التي تتداول وقتها تافهة ولا علاقة لها بالوعي العربي ولا توحي بمجرد حتى المشاركة الوجدانية لأخواننا الواقعين تحت جحيم قصف القنابل العنقودية الصهيونية وكأن ما يحدث من إبادة جماعية لشعب الفلسطيني لا يعنيهم أو أن مايحدث هو حادث في بلد الهلولو ؟ في حين كان وقتها صحفيو الجزيرة تحت قصف القنابل على مدار الساعة دون كلل أو ملل ينقلون كل مايحدث للعالم ويفضحون الوحشية الإسرائيلية البربرية وهو ما ساهم في تحريك الوعي العالمي ودفع لتضامن حتى الأوربيون وخروجهم لمساندة الشعب الفلسطيني في حين كانت الفضائيات العريية التابعة للأنظمة غير معنية بالأمر بل كان النظام الرسمي يتآمر على المقاومة العربية بشقيها اللبناني والفلسطيني .فأيهما المشبوه إذن الجزيرة أم الفضائيات التابعة للأنظمة الحاكمة المستبدة والظالمة؟ وبناء على ما تقدم يمكن استخراج على الأقل ثلاث مغالطات من هذا المقال:المغالطة الأولى: إتهام القناة بالإقصاء والإرهاب وهوذاته يمارس الأسلوب ذاته إذ ينطلق في بداية المقال قائلا :" لكن وبمرور الأيام بدأ الحلم يتهاوى حتى تحول إلى يأس بل إلى خوف من «غول» إلى إعلامي إخواني متطرف يلعب دورا بارزا في نشر الفتنة والتبرير للإقصاء والقتل والإرهاب بكل أشكاله" فأين المنطق في هذا القول؟ فالكاتب هنا يقول من جهة عن الجزيرة أن هويتها إخوانية متطرفة" وهذا يكشف بداية عن حكم مسبق ونية الكاتب السيئة منذ البداية تحت هاجس" فوبيا الإخوان" وهو حكم فيه نوعا من الانفعال والأهواء وليس نقدا موضوعيا بل نقد تحركه الايديولوجيا والخوف الهستيري من الآخر واحتقاره وتكشف كراهية الكاتب للآخر وتهميشه له وإقصائه لمعتقداته .وعلى فرض أن القناة هي كذلك فهو يتهم القناة بالإقصاء وهو ذاته يمارس فن الإقصاء والتطرف في اتجاه رفض الآخر رفضا مطلقا.أما المغالطة الثانية تتعلق بعدم المصداقية من خلال اتهام الجزيرة بأنها تمارس دورا مشبوها وأنها قناة تبرر الإقصاء ومن جهة أخرى تستضيف متحدثين إسرائيليين وتتحاور مع طالبان . وردنا على هذه المغالطة والتناقض الصارخ الذي تتضمنه كما يلي إذا كانت الجزيرة تتميز بتبرير الإقصاء والتنظير له فكيف لها أن تستمع لرؤيتين على طرفي نقيض لا يلتقيان وهما الإسرائيلي والطالباني أليس هذا دليل على الموضوعية والرغبة في نقل الحقيقة من وجهات مختلفة أليس في ذلك دلالة على التزام المصداقية في نقل الخبر فهذه الحجة في صالح الجزيرة لا ضدها وتعبر عن حرص القناة على تقديم الحقيقة كما تظهر ولا كما تريدها الفضائيات الرسمية أن تظهر؟ وهذه قمة المصداقية.المغالطة الثالثة تتعلق بتهمة انعدام الموضوعية: ففي حين يقوم الكاتب على توجيه اللوم للجزيرة على فتحها المجال للمعارضين والمنبوذين الذين من المفروض إن كنا معنيين بالرأي الآخر كما يدعي الكاتب أن يبادر هو بالدفاع عنهم لا الوقوف ضدهم و الكاتب يعترف في مقاله ويقر بأن المعارضة مقصية و يعيب عليهم اللجوء إلى قناة الجزيرة المشبوهة" على حد قوله فما دمت يا سيدي تعتبر الجزيرة كماء جاء في قولك لا تهتم بالرأي الآخر وهي التي تحرص على تبليغ كل الأصوات من بينها المعارضة المحرومة من الظهور على الفضائيات الرسمية فلما لا تطالب هذه الفضائيات بفتح المجال لرأي المعارض المخالف ولما لا تكتب مقالا توجه فيه نداء للفضائيات الرسمية تدعوها فيها إلى ضرورة الاعتراف بالمعارضين وفتح المجال لهم إعلاميا وسياسيا لممارسة حق الاختلاف واستيعابهم داخل النسيج الإجتماعي أم هؤلاء ليسو مواطنين وليس لهم الحق في الوطن كما لك أنت الحق فيه؟ وهكذا توفر عليهم جهد التعب والوقت في البحث عن فضائية تبلغ صوتهم المقموع ومن هنا قولكم التالي"، وإن كان فعلا أهل القرار فيها يؤمنون بالرأي فعليهم أن يهتموا بالرأي المخالف ويدرسوه جيدا علهم يستعيدون بعضا من المصداقية لدى المتلقي العربي الذي ظنوا به ظنّ السوء" لا معنى له وهو مجرد مغالطة وتمويه لأن من يفتح أبوابه لكل الأصوات لا يمكن أن يكون فاقدا للمصداقية أو الموضوعية أو احترام الرأي الآخر ونحن نتابع الجزيرة جيدا وهي في شتى القضايا تعرض الوجهة الرسمية والمعارضة وتناقش القضايا المختلفة وتقلبها على مختلف وجوهها ومن وجهات نظر وزوايا مختلفة بل متناقضة كما شهدت به أنت في مقالك ولا فائدة هنا من تزييف الحقائق لأننا نعي جيدا كما يقول الكاتب ولكن ليس بالمعنى الذي يقصده والمواطن ليس ساذجا ويستطيع التمييز بين من يخرس صوته ويزيف أقواله ويفتك لسانه لينطقوا به بما لا يريده وبين من يقف معه دفاعا عنه ضد الظلم والاستبداد ويشعر معاناته وهو يعي من معه ومن ضده فإن كانت الجزيرة فاسدة فماذا تركت للبقية يا سيدي وإن كانت الجزيرة ليست ذات مصداقية فماذا تركت للفضائيات الرسمية ؟ وإن كانت الجزيرة لا تؤمن بالرأي الآخر وإقصائية فماذا تركت للأنظمة المستبدة ؟ أم تراك نظرت إليها من زاوية سوء الظن بها بأنها إخوانية فسيطر عليك هذا "الغول " كما قلت وجعلت تكتب بطريقة هستيرية لا موضوعية تعبر عن غياب مطلق للعقل وأدنى آليات التفكير المنطقي السليم لا تخف سيدي ولنفرض أنها إخوانية فلا أظن أن الإخوان من أكلة البشر و إلا سقطت في دائرة التعصب والإقصاء والإرهاب الإيديولوجي والفكري الذي تتهم به قناة الجزيرة.الأستاذة سلمى بالحاج مبروك
E-mail me when people leave their comments –

You need to be a member of poetsofottawa3 to add comments!

Join poetsofottawa3

Ottawa International Poets and Writers for human Rights (OIPWHR)