عبد العزيز المقالح :لا يستقيم الحديث عن الشاعر الكبير عبد الله عبد الوهاب نعمان (الفضول) الا انطلاقاً من تاريخه النضالي المبكر الذي جعل منه - وهو في مطلع الشباب- صوتاً ثورياً هادراً بالحق، ضارباً في صدر الطغيان بمعاول من الكلمات الشعرية والنثرية، وبمستويات نادرة من التعبير تجمع بين الجاد والسخرية الحادة. وإليه ثم الى الشهيد عبد الله علي الحكيمي يعود الفضل في بقاء شعلة الحرية في بلادنا مشتعلة بعد فشل الثورة الدستورية التي تفجرت في 17 فبراير 1948م، فقد استطاع المناضلان الكبيران من خلال صحيفتي «السلام» و«الفضول» ان يبقيا جذوة الحرية متقدة ونداء الحق والضمير صارخاً بأعلى ما يكون واصدق ما يكون. لقد كان الشعر في ذلك الزمن يعيش عصره الذهبي والتنويري حيث كان الشعب يلتقط القصيدة -واحياناً البيت او البيتين- ولا يكف عن ترديدهما في كل مناسبة. كما كانت قصائد الثورة مصدر تنوير وتأمل وكان النظام الكهنوتي يخاف الشعر أكثر مما يخاف الرصاص، لان الشعر هو الذي صنع دوائر المعارضة وعملت كلماته العميقة على توسيع هذه الدوائر الى ان اصبحت الشعب كله. ومن حسن حظ الوطن ان حكامه البائدين كانوا نموذجاً كاريكاتورياً يجد الشعر فيه ما يغنيه من الصور الساخرة والمثيرة للضحك. ولا انسى ما اثارته في نفسي الصور الشعرية الساخرة التي كان يرسمها الشاعر الكبير عبد الله عبد الوهاب، وهو أستاذ بارع في هذا المجال من الفن، ومنها الصورة التالية: باللحى باللحى أبيدو قواهم بالمساويك قاوموا الطائرات فمساويككم اشد واقوى ولحاكم من اعظم المعجزات! أية سخرية بارعة وذكية بالحكام الذين كانوا يوهمون السذج والبسطاء من المواطنين بانهم يحمون استقلال البلاد من الغزاة والمحتملين الكافرين بتحويل الوطن الى سجن كبير أو حظيرة لا تختلف كثيراً عن تلك الحظائر التي يتم فيها عزل الحيوانات الأليفة استعداداً لذبحها او للتصرف فيها. لقد قال لي الاستاذ الذي نقل عنه هذين البيتين في اواسط الخمسينيات -عندما بدأت اقترب من عالم الادب- ان الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان كتبهما في صنعاء بعد مشاهدته للعرَّاضة التي كانت تقام بعد صلاة الجمعة، حيث يستعرض فيها الامام يحيى افراد جيشه الحفاة ونصف العراة ومعهم ما ابقته الدولة العثمانية من بنادق ومدافع عتيقة. لقد بدأ الفضول حياته الادبية شاعراً بالفصحى، ثم اكتشف اهمية العامية فبدأ يكتب بها قصائده السياسية اللاذعة والمؤثرة، وبعد ان قامت الثورة اليمنية (سبتمبر- أكتوبر) وأحسَّ الشاعر الكبير بالامان والاطمئنان اتجه بكل قدراته الابداعية الى حقل الاغنية العاطفية فكتب أجمل الاغاني واعذبها واكثرها انتشاراً وتأثيراً في جميع الاوساط، ويتساوى فيها ما كتبه بالفصحى او بالعامية. ومنها قصيدته الوجدانية الرائعة «وثيقة الشمس» التي منها: كم يحزن الليل، ويبكي القمر ويمسح النجم دموع الدرر وتسأل الغيمات وجه السما وتسأل الارض نسيم السحر وتسأل الأوراق قطر الندى عنّا، ويبكي الفجر فوق الزهر ومذ تغيبنا عن الملتقى والعشب ينسى شوقه للمطر والورد في أكمامه كلما أسقاه قطر الغيم فيها ضمر كما يختلف موقف الناس من الحياة كذلك يختلف موقفهم من الموت وفي معظم الاحوال يكون موقف الانسان من الحياة هو الذي يملي عليه موقفه من الموت سلبا وايجابا فالذين يتمنون الموت في مثل ظروفي حياتنا العربية الراهنه اضعاف الذين يطلبون البقاء لكن الموت كالحياة تماما يظل هبة من الخالق العظيم يأتي في وقته المحدد كما تأتي في الحياة لا يتقدم ولا يتاخر لكن عواظف الانسان واحزانه الطائشة لا بد ان تطير به عند كل فقد فاجع عبر شتب المتاهات وفي زحمة الاحزان المتلاحقه لغياب عد غير قليل من فرسان الكلمة هنا وهناك عبرالساحة العربية المفجوعه لكل ماهو قاس ومرير حاولت تلمس العزاء بالقراءة المتنوعه عن الموت وفي الموت وكانت البداية ابيات من قصيده طويله لشاععر روماني يمتدح الموت اذا جاء في وقته المناسب انا الذي كنت انظم الاشعار بوجدان مبتهج بالحماس اجدني اليوم مضطرا إلي الشجو الحزين هكذا تأمرني ربات الفن المعذبات وتدفع العبرات إلي عيني بغنائها الباكي مبارك هو موت البشر الذي لا ياتي في سنوات المرح بل يقبل علي المقهور الذي طالما اشتاق إليه بل وفي قراءة سنوات أخري في حديث قلق وخائف عن الموت يتساءل كاتب عربي شديد الايمان بقضاء الله وقدرة وان بدت كلماته قاسيه وشديده المرارة لماذا يموت الطفل الذي لم يرتكب ذنبا واحدا بل لماذا يجيء إلي العالم اصلا ولماذا يبقي الكثير من السافحين والطغاه علي قيد الحياة لمدة طويله يمارسون جرائمهم ويزهقون ارواح الابرياء ويعطلونا خطوات التقدم في حين يهاجم الموت ابطالا ومصلحين وعلماء تحتا جهم الدنيا وفتيات صغيرات.. يحلمن بالزواج والاستقرار والسعادة لماذا تعيش السلحفاء البليده الكسوله ثلاثمائة عام ولا يعيش الامام محمد عبده او جامل الدين الافغاني وابن خلدون او شكسبير اوطه حسين ونجيب محفوظ واديسون مخترع الكهرباء وافلاطون حكيم اليونان واينشتاين وميكائيل انجلو وفان جوخ مثل هذا العمر الطويل وإلي اي مدي يكون الموت عادلا واخلاقيا انها تساؤلات خطيرة وعميقه تلك التي يشيرها هذا الكاتب العربي وما تتركة اسئلته في النفس البشرية أكثر خطورة وعمقا لكنها مع ذلك تبقي عاجزة لا يمكن لعقل بشري مهما كان والمعرفة ان يجيب عنها او يجدلها تفسيرا مناسبا وقد كان الرسول الكريم وهو أقرب البشر اجمعين إلي السماء واسرارها يردد في تسليم خالص ( العين تدمع والقلب يخشع ولا نقول الا مايرضي الرب ) وفي الايه القرأنية الجليه العزاء كل العزاء ( انا لله وانا إليه راجعون وبما اننا جميعا الاحياء والاموات السابقون والاحقون لله ونحن إليه راجعون فلماذا أرهاق النفس بالاحزان وارهاق العقل بالتبحث في المستحيل واذا كنا قد رددنا هذه الايه المقنعه ايه العزاء والسلوان عندما ذهب صلاح عبد الصبور وحين اختفي بدوي الجبل وعندما رحل محمد المجذوب ورددنا ها بكل الاسي والرضاء والصبر ونحن نودع الزميل عبد الله حمران وهانحن نرددها اليز بنفس الاحساس الاليم ونحن نودع ابنا أخر من ابناء الكلمة هو الشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان الذي اختار ان يكون وداعة في هذه الزحمة من الالاحزان العربية تغمدة لله بواسع المغفرة والرضوان انا لله وانا إليه راجعون.. ولقد كان موته مفاجئا قيل انه قبل ان يودع هذه الدنيا بساعة وربما اقل قليلا كان قد اتصل باحد اصدقائه إلي صنعاء يحدثة عن مشاريعه واحلامة القادمة لكن الموت هو الحقيقه الوحيدة في علمنا التي لا تقبل الشك ولا ينازعها الريب لم يمهله حتي يحقق بعض تلك الاحلام والمشاريع وهو أي الموت يأتي راكبا حسان المفاجاة لكنها المفاجاة المعروفه سلفا المفاجاة المنتظرة والمتوقعه منذ البداية.. بداية الحيه حيث اقترب مولد الانسان من حيث لا يدري يموته المحقق! كنت معه منذ بضعة أسابيع وكان معنا الصديق العزيز الشاعر الكبير عبد الله البردوني وكان يدعونا لنكون ضيوفه في تعز حيث سيحتفي بنا ويهيء لنا اجازة لم نكن نحلم بها.. وكان يلح ويشتد في الالحاح علي قبول الدعوة.. وقد قبلت مع صديقي الشاعر الكبير الدعوة علي ان تتم بعد شهر رمضان ولان أخر مرة رأيت فيها مدينة تعز قد كانت منذ سته عشر عاما فقد كنت أكثر من صديقي الاستاد عبد الله البردوني رغبة في الاستجابة إلي الدعوة ووطنت نفسي علي التغلب علي الامراض والاسباب التي تمنعني علي الاسفار خارج العاصمة لكن المفاجأة الاخيرة المفاجاة غير المتوقعه اذهلتني فقد رحل الشاعر الداعي ورحلت معه صور الشعر والحان الكلمات كان الشاعر الراحل (عبد الله عبد الوهاب نعمان) يحدثني عن ديوانه أو بالاصح عن مجموعة اعماله الشعرية التي يعدها للطبع وكان أخر وعد منه ان يبعث إلي بالمجموعة الاولي من قصائدة التي يستعد لنشرها لكي اقدمها للقاريء بصفتي الاخ الذي رضي لنفسه واسعدة ويشرفه ان يقدم نتاج زملائة ويقوم بتشجيع من يخاف من(بعبع) النشر وبينما كنت في انتظار ما سوف يبعث به من قصائده الاولي اذا بي بي أجدنفسي اما المفاجأة غير المتوقعه. لقد بدأ الشاعر الراحل ( الاستاذ عبد الوهاب نعمان ) رحلته مع الكلمة في اشد مراحل التاريخ اليمني صعوبه وقوة كان ذلك في اوائل الاربعينات وهو شاب لم يكمل العشرين بعد وكان قد ارتضي لنفسه اسلوبا شعريا وادبيا متميزا هذا الاسلوب يقوم علي السخرية التي تحدث فيها عن الامام يحي واركان نظامة العجوز.. كانت البداية الصاخبة الطائرة من الافاق باللحي. باللحي ابيدوا قواهم.. بالمساويك قاوموا الطائرات فما فمساويككم اشد وادهي ولحاكم من أكبر المعجزات. لقد رحل عبد الله عبد الوهاب عن حياتنا فجأة لكنه لم يدخلها فجاة بل دخلها صارخا صاخبا سخرا دخلها من كل الوان الواقع الدميم الذي عانت وتعاني منه بالدنا وكانت سخريته وضحكته هما الوسيله إلي التغيير كما كانا أيضا وسيلته إلي مقاومة اليأس ومرارة مواجهة الاخرين وبعد .. فهذه الكلمة الطالعة من زحمة المشاعر الحزينه ليست نعيا وليست رتاء انما هي مجرد تعبير عن صدمة المفاجاة عزائي لا بناء الشاعر الفقيد ولكل إفراد اسرته.. وعزائي للشعر والشعراء..وانا لله وانا إليه راجعون . د. أبوبكر السقاف: عندما سمعت نبأ وفاة المرحوم عبد الله عبد الوهاب نعمان تذكرت "الفضول" الاسم الذي اختاره لصحيفته، فأصبح علما عليه، لأنه أحسن الاختيار. فالناس عادة يتهمون كل من يتصدي لنقد أي أمر بالفضول، وأما إذا كان النقد موجها إلى الإمامة والسياسة، فأن ذلك أقصي درجات الفضول. ولا شك أن الإمامة كانت تنظر إلى كل من وما لاينضوي تحت مزاعمها بأنه دخيل وطفيلي. ولكن "الفضول" كانت غاية الايجابية، لأنها قلبت المفهوم وألبسته وجه قضية، فأصبحت الإمامة الكيان الطفيلي في تاريخ اليمن الحديث. تذكرت عدن الخمسينات، عندما كان اليمنيون يجمعون شتات أيامهم وينشطون في الأندية والمدارس المسائية، وفي مقاومة الاستعمار البريطاني الذي كان يصر على تقسيمهم إلى جنوبيين وشماليين وعدنيين وجنوبيين وقعيطيين وكثيريين. تذكرت جهود من بقي من حركة المعارضة اليمنية "الأحرار الدستوريين". ولأن الفضول وهب نفسه لقضية كبرى تضفي عليه ألقَها، حتى عندما تكون في ذمة التاريخ، فما بالك إذا كان الكثير من شعاراتها لا يزال من قضايا الساعة: الديمقراطية والحكم التمثيلي. ومهما كان نقدنا لقصور تصور الأحرار لهذه المشاكل الكبيرة، إلا أنهم كانوا أول من بذرها في تربة شمال اليمن. ولعل الخلاف معهم أدعى لإنصافهم. لقد واصل دفاعه عن هذه القضايا بسلاح النكتة، وما أكثر المشاكل التي نفذ إلى جوهرها بهذا السلاح. أتذكر خبراً مثيراً نشره في "الفضول" تحت عنوان مثير "انقلاب عسكري في اليمن"، وتتضح الصورة عندما تقرأ أن العسكري انقلب من على حماره، فيسخر بذلك من الإمام وعسكره. كان رحمة الله مجدداً ومؤسساً في أكثر من مجال، وقد جاء تجديده على موعد مع الحياة السياسية، فمهدها بالأمل الضاحك سلاحاً فاعلاً في معركة التحرر والتطور. وعندما اصدر "الفضول" كانت بحق الصحيفة الأولى من نوعها في اليمن شمالا وجنوبا، ولم تجد من يرث تقاليدها إلى يومنا هذا في صحافتنا. لقد جعلت "الفضول" من الإمامة أضحوكة. والضحك قادر على الهدم لأنه يجرد المنقود من كل أقنعته وجلاله المدعي. بل أن علاقة "الفضول" بالأوضاع في شمال الوطن بعد هزيمة حركة 1948 لم تعد إلا كاريكاتيرا يستحق السخرية، لان شهداء الحركة وجهوا أليها ضربة قاتلة رغم فشلهم في البقاء في الحكم. وقد اكتشف هذا الفضول بوعيه وبحدسه وساعده على هذا طبعه الذكي المرح أن الإمامة جثة حية تأخر دفنها فلنضحك على هذا الركام الذي يسد الطريق. وصحافة التجديد هذه كانت جزءاً من الجديد الذي فاضت به عدن في الخمسينات على كل اليمن.. النقابات والحركات السياسية الجديدة والتيارات الفكرية المعاصرة والأغنية المطورة .. مئات الآلاف من اليمنيين يبنون الحياة ويقاومون على جبهتين الإمامة والاستعمار البريطاني. والفضول في غمرة تلك الأيام صنع سلاحه الخص ضد الإمامة .. أحيا الابتسامة على وجوه اليمانيين، وأسهم في زرع الأمل في قلوبهم. عرفت الصحافة في العالم وتعرف مجلات متخصصة في فن السخرية، وقد شهدت مصر مثل هذه الصحف المجلات ولاتزال مجلة "عفوا" تصدر في ألمانيا الغربية و"التمساح" في الاتحاد السوفيتي، وهما من أشهر المجلات. لقد نجح الأخ عبد الله عبدالوهاب نعمان كل النجاح عندما سماه المواطنون "الفضول" فوحدوه بصحيفته ووحدوا صحيفته به. وهل يتجاوز حلم المبدع هذا الأفق أن يتوحد بعمله وإذا كان عمله لم يتطور لا على يده ولا على يد غيره، فذلك أيضاً جزء من الانقطاع والتقطيع الذي نشهده في حياتنا السياسية والفكرية والتي تعاني من جدب في التجاوز الحقيقي الذي يعني الانقطاع والاستمرار، أي الإبداع، وهو أمر لاعلاقه له لابالاجترار ولابالفكران والعدمية وأصعب منهما. وتجربة "الفضول" في الشعر، وشعر الأغنية بوجه خاص، مثال آخر على أنه مجدد ناجح. وهنا أيضا كان مؤسساً. فقد أدخل الأغنية الجديدة التي تمنح من أغاني العمل في الحجرية، وبالذات أغاني النساء، ومزج ذلك بحب عميق لجمال الأرض التي يحبها لسمائها وجبالها وجداولها، فنسج مع الأخ الفنان أيوب ألوان أغنية ممكن أن قول أنها استمرار لأغنية المدينة في اليمن، فأضافا بتلك الأغنية التعزية أن صح التعبير إلى اللحجية والصنعانية والحضرمية واليافعية .. إلخ. فخياله بلا شك خيال مثقف، وإن كان يغترف بدراية ومحبة من الفيض الشعبي والكلام المديني الدارج. كان يجيد لا فن الضحك فحسب، بل وضحك الفن. والثاني أرفع من الأول، لأنه لايقتصر على إجادة استعمال الأدوات، بل يذهب مباشرة إلى الفن، فيصنع من الضحك قضية. سوف تتذكر الأجيال الجديدة الفضول لو أحسنا تقديم تاريخ صحافتنا الحديثة. أما الذين سعدوا بمعرفته فانه سوف يرسم الابتسامة على وجوههم وهو بعيد عنهم في عالمه الأخر، مؤكدا بذلك أن رسالة الفنان الجدير بالإجلال إنما هي نشر الفرح ومقاومة الكراهية الجمود والظلم في كل لون وشكل، وحتى الذين لم يعرفه سمعوا عن لقطاته الذكية التي تلخص الكثير في القيل كما كان أسلافه يفعلون في الأدب العربي القديم. موت الفضول المفاجئ إن كان الموت مفاجأة يثير مسالة قديمة: هل أحسن الوطن الاستفادة من أمثاله؟ وهل نجحنا في إقامة الجسور بين أجيالنا لنحافظ على الجدير بالبقاء من أعمال أجيالنا؟ رحل عنا الشاعر بعد أن جعل حياتنا ارق وأضحكنا على أعدائنا وعلى أنفسنا كثيرا. فهل نحن قادرون على جعل ذكراه في مستوى فنه؟ إن العبء الأساسي يقع على اتحاد الكتاب ونقابة الصحفيين وعلى الفنانين ومحبي الفن في بلادنا. السيرة الذاتية: هو الشاعر اليمني عبد الله عبد الوهاب نعمان ولد عام 1917م في قضاء الحجرية لواء تعز، ثاني أصغر أبناء الشهيد الشيخ عبدالوهاب نعمان الذي كان أول الثوار على حكم أسرة حميد الدين ، منذ بداية تسلمهم الحكم من الأتراك عام 1918. وكان والده الشيخ عبدالوهاب بيك نعمان ، قائمقام الحجرية بمرسوم من الباب العالي في الأستانة. انتقل مع بقية زوجات وأبناء الشيخ عبد الوهاب نعمان إلى صنعاء للإقامة إلى جانبه، وتلقى وأخوته جزءا من تعليمة على يد والده الشيخ عبد الوهاب نعمان في صنعاء حيث معتقلاً بها، منذ عام 1923 عندما طلبه الإمام يحي حميد الدين إلى صنعاء، بعد ثورته عندئذ ضد ابن الوزير، نائب الإمام في تعز، لرفض الأتاوات التي أراد أن يفرضها على المواطنين "الرعية". ثم درس على يد ابن عمه الأستاذ أحمد محمد نعمان في ذبحان بالحجرية، ودرس بعد ذلك في مدينة زبيد، على يد عبد الله المعزبي، من أشهر علماء زبيد. وفي أوائل الأربعينات كان ضمن الشباب المستنير الذين تجمعوا في تعز حيث عمل بالتدريس بالمدرسة الأحمدية في الفترة من العام 1941م الى 1944 . وأثناء وجوده في ذبحان أبرق الإمام أحمد إلى عامله لإعتقاله، غير أنه علم بذلك من أحد الأحباب وهو القاضي عبد الجبار المجاهد، ونصحه بالهروب قبل أن يرسل العامل في إعتقاله، وفر عبدالله عبد الوهاب نعمان إلى عدن، لينظم بعد ذلك إلى مجموعة الأحرار، وكان، إلى جانب آخرين، من مؤسسي حزب الأحرار اليمنيين. ويعتبر الفضول من أوائل رجال حركة الأحرار ومن أبرز كتّابها، فقد كان سياسياً وأديباً وشاعراً وصحفياً بارزاً. وفي عدن عمل في سلك التدريس وقام بتعليم اللغة العربية في مدرسة بازرعة الخيرية، ثم ترك التدريس ليصدر جريدة (صوت اليمن) الناطقة باسم الجمعية اليمنية الكبرى عام 1947م, وكانت مقالاته الساخنة فيها تمثل رداً على جريدة الإيمان المتوكلية التي تهاجم الأحرار. كما كانت له مقالات سياسية في جريدة (فتاة الجزيرة) بتوقيع (يمني بلا مأوى). وبعد فشل ثورة 1948 في إقامة النظام الدستوري، وبعد إعدام قادة الثورة ومنهم والده الشهيد الشيخ عبد الوهاب نعمان والشهيد السيد حسين الكبسي، رأسا ثورة 1948، قام في عدن، في ديسمبر 1948، بأصدار صحيفة "الفضول" وهي من المحطات الهامة في حياة شاعرنا. وتعود هذه التسمية إلى الحلف الذي كان قائما في الجاهلية مهمته إنصاف المظلومين، وهو "حلف الفضول". وقد اشتهر شاعرنا وعرف في الأوساط الأدبية بلقب "الفضول" نسبة إلى صحيفته. وفي نهاية العام 1953 قامت سلطات الاحنلال البريطاني بإغلاق صحيفة "الفضول" من خلال رفض تجديد ترخيصها بضغوط من النظام الملكي في شمال الوطن، بعد أن أقلق عبدالله عبدالوهاب نعمان مضاجع الإمام أحمد حميد الدين بما تنشره "الفضول". [راجع الوثيقة رقم 14 من الوثائق البريطانية بشأن الفضول] وهجر الفضول مع بداية العام 1954 الكتابة والشعر، وانخرط في هذه الفترة في الأعمال الحرة لتأمين لقمة العيش لأسرته. ولكنه، وفي نفس الوقت، ظل يقاوم الأوضاع في ظل الإحتلال في الجنوب والملكية في الشمال من خلال كتابة صفحة باسم "البسباس" في صحيفة "الكفاح" التي كانت تصدر في عدن للأستاذ حسن علي بيومي. في غمرة قسوة الحياة في عدن قبل الثورة، عزف عن كتابة الشعر، حتى أثاره المرض العضال الذي أصاب رفيق دربه وصديقه السيد محمد بن يحي الوريث، وكن من الأحرار المهاجرين في كينيا، وعينه أمير الكويت الراحل جابر الأحمد الجابر الصباح قنصلاً فخرياً للكويت في كينيا، عندما أصاب المرض صديق عمره وكان يتعالج في الكويت في كنف الأمير، كتب قصيده مدح يشكر فيها الأمير، وفيها إشارة إلى هجره الشعر حيث قال: "قد كنت ودعت القريض ترفعاً إذ كل ما حولي يروم هجاءُ". وقد كانت هذه القصيدة في العام 1963 أو 1964، وقبل وفاة الوريث. عاد إلى كتابة الشعر الغنائي في بعد ثورة 26 سبتمبر 1962، في عدن، وقبل انتقاله النهائي منها الى شمال الوطن، وكتب قصيدتين لحنهما الفنان الكبير محمد مرشد ناجي، وسجل الأغنيتين في إذاعة عدن بأسم ابنه مروان، ليتخفى لأنه لم يكن يريد أن يعرف الناس أنه عاد إلى كتابة الشعر. وهاتان الأغنيتان هما أغنية "شبان القبيلة "، وغناها الفنان المرحوم محمد صالح عزاني والفنانة فتحية الصغيرة، وأغنية ثانية غناها الفنان المرحوم أحمد علي قاسم. وبعد ذلك، ظل لفترة قصيرة بعد الثورة، يعيش ما بين عدن وشمال الوطن. وبدأ يعاود كتابة الشعر الغنائي ومن أوائل القصائد، "دق القاع دقه" و "عدن عدن"، وهما من بدايات تعاونه الفني والغنائي مع الفنان الكبير أيوب طارش العبسي. عبر صديقي عمره المرحوم جازم الحروي وأمين قاسم سلطان، أخذت سيدة الغناء العربي أم كلثوم قصيدة "لك أيامي" للفضول لتغنيها من جملة أغانيها التي اعتزمت غنائها لشعراء من كل الوطن العربي، غير أن ذلك لم يتحقق لوفاتها. قام بعد ذلك الفنان أيوب طارش بتلحين تلك القصيدة وغنائها. وسيلاحظ المتصفح القارئ أن قصيدة "لك أيامي" تلك التي غناها أيوب طارش، تختلف عن النص النهائي الذي ظل الفضول يجدد فيه إلى ما قبل وفاته، وترد هذه القصيدة في الموقع باسم "أحلام السنين". وفي العام 1966، وبينما هو في تنقله بين عدن وصنعاء، اعتقل الفضول مع مجموعة من السياسيين الآخرين، في سجن "الرادع" الشهير، عندما قامت السلطات المصرية باعتقال حكومة الأستاذ أحمد محمد نعمان في القاهرة، وذلك لمعارضة التدخل المصري في الشئون اليمنية. ولم يطلق سراح من سجنوا في القاهرة، ومن سجنوا في الرادع إلا بعد هزيمة 1967. وهناك قال رائعته "أرض المروءات" التي عاتب فيها مصر على ما حدث في اليمن. وبعد ذلك استقر مقام الفضول في شمال الوطن، في صنعاء، وتقلد بعد انقلاب 5 نوفمبر 1968 منصب مدير مكتب الإقتصاد والجمارك في تعز، ثم منصب وزير الإعلام في حكومة عبد الله الكرشمي، التي لم تعمر أشهر. بعد وزارة الإعلام، قام فخامة القاضي عبد الرحمن بن يحي الارياني، رئيس المجلس الجمهوري حينها، بتعيين عبد الله عبد الوهاب نعمان مستشاراً لشئون الوحدة، نظراً لطول خبرته بأحوال جنوب الوطن ورجالاته. وظل في هذا المنصب مع الرئيس إبراهيم الحمدي، والرئيس أحمد الغشمي، والرئيس الشاويش "علي عبد الله صالح"، إلى أن وافت شاعرنا المنية. وظل يكتب الشعر الغنائي والأناشيد الوطنية وكثير من القصائد السياسية التي لم ينشرها. فبدأ في هذه الفترة مرحلة جديدة كونت النصف الآخر من شخصيته الإبداعية وهي قصائده العاطفية. وشعر الفضول العاطفي أروع ما نظم وكتب وقيل.. فقد كان عاشقاً ومعشوقاً من الطراز الأول. والفضول لم يكتب للحبيب وللمهاجر والمزارع والأرض والوطن والغربة فقط، بل ألهب مشاعر الناس بأجمل الأناشيد الوطنية، مثل : "هذه يومي فسيروا في ضحاها" و "أملؤوا الدنيا ابتساما" و "هتافات شعب" و "ياسماوات بلادي باركينا" و "عطايا تربتي" وغيرها الكثير. لكن أروع هذه المجموعة من الأناشيد الوطنية النشيد الذي اختير نشيداً وطنياً لجنوب الوطن قبل الوحدة، والذي أعيد اختياره ليكون النشيد الوطني لليمن الموحد، بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وإعلان الجمهورية اليمنية، وهو : رددي أيتها الدنيا نشيــدي ردديه وأعيدي وأعيـدي وأذكري في فرحتي كل شهيد وأمنحيه حللاً من ضؤي عيدي وكان اختيار النشيد نشيداً وطنياً لجنوب الوطن قبل الوحدة، بناء على اتفاق في الكويت بين الأخ الرئيس علي عبد الله صالح والأخ الرئيس عبد الفتاح اسماعيل، رحمه الله، في العام 1979، حيث اتفق الرئيسان أن يكون النشيد هو النشيد الوطني للشطرين، ولليمن الموحد. وذلك الاتفاق هو أساس إقرار "رددي أيتها الدنيا نشيدي" كنشيد وطني لليمن الموحد. بعد ذلك، قلده الأخ علي ناصر محمد، رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، الشطر الجنوبي للوطن حينها وسام الأداب والفنون. في 10 سبتمبر 1980. وقلده الأخ الرئيس علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية العربية اليمنية، الشطر الشمالي للوطن حينها، وسام الفنون في 23 يونيو 1982. حرص على جمع اشعاره استعداداً لطبعها كما كان ينوي إصدارها في عمل يجمع فيه بعض كتاباته في الصحف منذ الأربعينات إلا أن الأجل وافاه قبل تحقيق ذلك، حتى أن ديوانه الوحيد (الفيروزة) صدر له بعد وفاته، بجهد فردي من أحد أبنائه المهندس عبدالكريم عبد الله عبد الوهاب نعمان. لكن اعماله الشعرية الكاملة وهي تقارب المائة قصيدة لم تطبع. وستتاح الآن على هذا الموقع. توفي الشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان الفضول في 5 يوليو 1982م على فراشة في تعز بالسكتة القلبية، عن عمر يناهز الخامسة والستين، بعد مرحلة طويلة من الكفاح الوطني والأدبي مثلت رافداً هاما من روافد الحركة السياسة والثقافية في بلادنا. وقد كان الفضول ولا يزال علما من أعلام الشعر الوطني والغنائي العاطفي في اليمن بل وفي الوطن العربي لن تكرر. رحل الشاعر عن زوجته آسية الغوري، وله منها 6 أبناء وابنتان، وله 5 أبناء وأبنه واحدة، من زوجة سابقة هي عزيزة نعمان عبد القادر نعمان. كما رحل عن زوجتين لم ينجب منهما، هما نفيسة رفعت إبراهيم وعزيزة أمين عبد الواسع نعمان. وأبناءه هم: سكينة، محمد، سامية، مروان، هشام، وليد (متوفي)، هاني، أيمن (متوفي)، عبدالكريم، صخر، يمنى، منذر، شبيب، طريف. : أشعاره وَثائِق ُالشَّمْس كَمْ يِحْزَنُ الْنَّجْمُ وَيَبْكِيْ القَمَرْ وَيَمْسَحُ الْلَّيْلُ دُمُوْعَ الْدُّرَرْ وَتَسْأَلُ الْغَيْمَاتُ وَجْهَ الْسَّمَا وَتَسْأَلُ الأَرْضُ نَسِيْمَ الْسَّحَرْ وَتَسْأَلُ الأَوْرَاقُ قَطْرَ الْنَّدَىْ عَنَّا وَيَبْكِيْ الْفَجْرُ فَوْقَ الْزَّهَرْ وُمُنْذُ أَنْ غِبْنَا عَنَ الْمُلْتَقَىْ وَالْعِشْبُ يَنْسَىْ شَوْقَهُ لِلْمَطَرْ وَالْوَرْدُ فِيْ أَكْمَامِه ِكُلَّمَا أَسْقَاهُ قَطْرُ الْغَيْمِ فِيْهَا ضَمَرْ وَالْرَّنْدُ تَذْرِيْ الرِّيْحُ أَوْرَاقَاهَا مَحْرُوْقَةً فِيْ ضِفَّتَيْ النَّهَرْ وَالْظِّلُ يَلْقَىْ أَنَّهُ قَدْ خَلاَ مِنَّا فَيُلْقِيْ رُوْحَهُ فِيْ سَقَرْ وَإِنْ أَتَيْتُ الْنَّهَرَ وَحْدِيْ لَوَىْ عَنِّيْ وَغَطَّىْ وَجْهَهُ بِالْشَّجَرْ وِفِيْ الضِّبَا حَتَّىْ عِيُوْنُ الضِّبَا يَبْكِيْ الرَّنَا فِيْهَا وَيَبْكِيْ الحَوَرْ فَإِنْ أَتَىْ وَجْهِيْ إِلَيْهَا تَوَالَىْ الدَّمْعُ مِنْ أَجْفَانِهْا وَانْحَدَرْ وِقَدْ جَثَتْ حَوْلِيْ كَلَوْ أَنَّهَا جَثَتْ حَوَالَيْ رَاهِبٍ مُحْتَضِرْ كَمْ عِشْتَ فِيْ عَيْنِيْ تُوَاخِيْ بِهَا إِنْسَانَ عَيْنِيْ حَيْثَ ضَوْءُ البَّصَرْ وَكُنْتَ تَأتِيْ فِيْ جَمَالِ الْضُّحَىْ عِنْدِيْ فَتُخْزِيْ لِيْ شُمُوْعَ السَّمَرْ وَكُنْتَ إِنْ خَلَّيْتَ دَارِيْ أَرَىْ دَارِيْ كَأَنَّ الكُفْرُ فِيْهَا اسْتَقَرْ وَإِنْ أَتَيْتَ الدَّارَ ضَاءَتْ كَلَوْ قَدْ وَاجَهْتْ مَهْدِيَّهَا المُنْتَظَرْ هَيْهَاتَ أَنْ أَنْسَاكَ إِلاَّ إِذَا تَزَنْدَقَتْ نَفْسِيْ وَقَلْبِيْ كَفَرْ أَدَمْتَ لِيْ أَسْفَارَ حِسِّيْ فَمَا نَفْضَتَ عَنْ حِسِّيْ غُبَارَ الْسَّفَرْ وَالْنَّوْمُ مِنْ عَيْنِيْ يُوَلِّيْ لِكَيْ يُمْسِيْ يَذُرُّ الْشَّوْكَ فِيْهَا الْسَّهَرْ وَتَنْحَتُ الأَشْوَاقُ رُوْحِيْ وَيَأتِيْنِيْ مِنَ الأَعْمَاقِ صَوْتُ الْذِّكَرْ ِفيْ أََْضْلُعِيْ تَبْكِيْ كَلَوْ أَنَّ قِدِّيَسًا كَبِيْرَاً فِيْ ضُلُوْعِيْ انْتَحَرْ أَوْ أَنَّ فِيْ حُضْنِيْ رُفَاتَ الْمُنَىْ وَقَبْرَهَا فِيْ دَاخِلِيْ يَحْتَضِرْ يَاأَنْتَ يَامَنْ عَاشَ لِلْحُبِّ فِيْ مَعَارِكَ الْحُبِّ وَفِيْهَا أَصَرْ وَبَارَزَ الْدُّنْيَا وَفِيْ رُوْحِهِ لُطْفُ الْنَّدَىْ يَأوِيْ وَعُنْفُ الْقَدَرْ سَنَلْتَقِيْ إِنْ طَالَ فِيْ عُمْرِنَا عُمْرُ الْهَوَىْ والْصَبْرُ فِيْنَا صَبَرْ وَتُشْهِدُ الْفَجْرَ عَلَىْ حُبِّنَا وَثَائِقُ الْشَّمْسِ بِخَتْمِ الْقَمَرْ ***** مهما يُلَوِّعني الحنين شا صبر واراعي لك سنين واعطيك كل العمر ما دامك على عهدك أمين وألملم أشواقي وأحراقي وأعطيها قلوب اللائمين *** كلهم لاموا وحاموا حولنا ليت من لاموا أحبوا مثلنا ليتهم ذاقوا هواهم قبلنا كان أعانونا ولموا شملنا *** آه يا عيوني أنت إلهامي وأنغامي تُغنيني هواك آه يا جنوني أنت أحلامي وقد نَدَّيت عمري من نداك وأنت من رَيْحَنْت أيامي وقد أسقيت أزهاري شذاك *** كم يسألوني الناس عن أنسي وإيناسي القديم الناس في وادي وقلبي وسط وديانك يهيم أمشي بريحاني وألحاني وأسأل عنك أفواج النسيم وأضم كل الزهر أشمك فيه وأحضن كل ريم *** سوف تلقاني على خضر الربا في المراعي حيث أيام الصبا حيثما حبي وحبك قد ربا حيث ألقاها وتلقاني الضبا *** ما دمت أنا أهواك وتهواني وما دامت حياتي في يديك لا بد ما ألقاك وتلقاني وتأتي أنت أو آتي إليك يوم الهوى أرواك وأرواني من الأشواق زَيَّدني عليك من ينزع الأشجان من قلبي وقلبك من يطيق لا انا ولا انت استطعنا من هوانا ان نفيق قد عشت أيامي وآلامي لأجلك أنت يطويني الحريق ما ناش( ) مقضِّي ساعتي عندك ولا جازع طريق ***** حبيت من خاب فيه الظن حبيت من فيه خاب الظن والود قد ضاع حبيت واخلصت في حبي لمن كان خداع *** يا ويل من حب مثلي ضحى وأخلص وخاب شاقول لمن حب قبلي إني بجرحك مصاب وأقول لمن حب بعدي العز قبل العذاب واقل لكل المحبين إن المحبه سراب *** يا ليت ما عُمت يا غدار في ماء بحرك ظليت عايش على الاحلام في قيد أسرك *** لكن قلبك رجم بي وكنت انا بك بخيل قد كنت زادي وشربي وكنت ظلّي الظليل غنت لقلبك وقلبي حتى قمارى النخيل وكان حبك وحبي أقوى من المستحيل *** أنهيت شوقي وألحاني وأسكت الانغام وأعطيت للريح ما قد كان من حب واحلام *** أرخصت بذلي وبيعي ما ضر لو كان أغليت واضمأت زرعك وزرعي واحرقت ما كنت رَبَّيت ومن دموعك ودمعي أسقيت حبك وأرويت لو كان شرعك كشرعي ما كنت عني تخليت *** صليت للحب وكان الحب للقلب محراب ضليت لكنني قد تبت والله تواب *** طويت منَّك حبالي وجرح قلبي جبر مالي وللحب مالي أعمل لنومي سهر شانساك واعيش سالي كالطير فوق الشجر لا شي يردك خيالي حتى القضا والقدر ***** دُق القاع دُقه دُق القاع دُقه لا تمشي دلا دق القاع دقه ما دامك حلا واعطِ القلب حقه من دنيا السلا *** واعمل لحسنك حرز خوف العيون خوف العيون واحرز معك عقلي فحسنك جنون فيك الحلا قد شن ماءه شنون وأعطاك من فنه وسحره فنون *** تمشي كأن الأرض لك لا سواك وكبرياء الحسن تمشي معاك ملَحَّن الخطوِ كأن في خُطاك ترنيم مغنى من أغاني صباك *** إشراقة الصبح وسحر الغروب ولذة الغفران بعد الذنوب ونشوة الحب وشوق القلوب كم ارتوى منها صباك الطروب *** شفّاف كالأنداء فوق الزهر رَفّاف أحلى من نسيم السحر مُضَوَّأ الحسن كأن القدر أسقاك كأساً من شعاع القمر *** يا بدر كم ذا قاسمتك البدور تمامها عند انتصاف الشهور فاعطِ زكاة الحسن واوفِ النذور النذور ما فاز باللذّات إلاّ الجسور *** كم قَطَّر الوردُ الندا في فمك والشمس كم أروى ضُحاها دمك والحسن كم ضمَّك وكم لملمك يهندس الفتنه على مبسمك ***** عدن عدن عدن.. عدن فيها الهوى مُلَوَّن لكن لمن أسلو بها أو أشتكي وأحزن لا اشتد لي فيها وتر ولا رن عيشي حزن القلب أنْ وما عليه لو أنْ لا البعد هان ولا الوصال أمكن لو ما عرفت الحب كان أحسن *** يبكي شجن صنعاء اليمن قلبي لتربتك حن ما لاح بارق فيك أو مطر شن وانا وأشواقي أنام واذهن( ) *** حتى الزمن من ذي يزن فيك الهوى تمكن غنى على صنعاء اليمن ودندن أرض الملاح الغيد جنة الفن ***** أغنيات الشمس هاتِ كلَّ الزهرِ والعطرِ إليا أنا غيرُ الحبِ لا شيءٌ لديا لحظاتُ الليلِ كَم أمقتُ أن تَلبَسَ الديجورَ محسوباً عَلَيا ليس في روحي دُجَنّاتٍ ولا سرتُ في الأيامِ سرداباً خفيا كل أعماقي وضوحٌ وجوانبُ نفسي تَلبَس الإشراقَ زيا وهو الحب الذي هندسني تحت هذا الضوءِ إنساناً سويا في الصبا .. كم عشقت نفسي الضحى والشذا العابقَ والظلَّ النديا وشبابي .. كان عرشاً للهوى لم أعش فيه من الحب خليا وأصيل العمر .. لن أمضي على دربه إلاَّ لأحبابي وفيا وضحوكًا مثل وجه الفجر لا تطرحُ الأيامُ في وجهي عَشِيا كلُّ حزني هو أني لا أرى أحداً في الناس بالحبِ حفيا لكأن الحبَّ أضحى عاهةً تثقلُ الإحساسَ أو شيئاً فريا وأرى أن نفاقَ الناسِ للسوءِ قد أصبحَ أسلوباً ذكيا فإذا السوء على الصدر مجالسه والخير منبوذاً رزيا وإذا الإفك أميرٌ أمره وإذا موسى يحب السامريا واهمٌ إن شئت أن يعطيك الحب أو يمنحك الود النقيا جاهلٌ تنشّأه الجهلُ ورعرعَ في جنبيه قلباً جاهليا تكمُن الأوهامُ في أعماقه وحشةً ترضعُ حسّاً همجيا ويسيّرُ الإثمُ في أعصابه ريباً تحييه مرجوفاً شقيا فزعَ النفسِ من العلم بأن له فيها دماراً خلقيا عَجْرَفِيٌ .. فإذا لاقى الرجولات ألقت فيه ذعراً أنسويا هابطٌ .. قد عَشِقَ التزويرَ حتى بدا فيه مسيخاً هزليا عاجزٌ .. لو أنه قد سَلَّ سيفاً لأعطى السيفَ عجزاً خشبيا أي شيء قادرٌ أن يقلب الحالكَ النفسِ حمياً مضريا ألفُ سيفٍ في يدي مرتجفٍ لا تراها عينيه إلاَّ عِصِيّا ليس يعطي الحبَ إلاَّ قلبُ من كان أو من كاد يغدو نبيّا لبِسَ الإصباحَ ضوءًا وندىً فمشى في الناس فجراً بشريا سُحُبيَ النفس يمشي أبداً واكفَ المزنةِ مِغداقاً سخيّا قد سمى إنسانُه فيه ولم يُبقِ فيه الخيرُ معنً حفريا كلّه مرتفعٌ تحسبه قمةً تشمخُ أو طوداً عليا صاعداً في النجمِ عملاقاً بلا وحلٍ يعطيه طولاً حشريا صادقًا عشتُ .. وكل الصدقِ فيّ لوجداني خليل وعشيق عبقٌ كالورد .. ما في الناس لي أبداً إلاَّ حبيبٌ أو صديق تمقت النقمةَ نفسي وإذا غيّظ قلبي .. فيماني رقيق غير أني شر ما عانيت من شدة كاد بها صبر يضيق كلما لاقيت ثوباً اكتسي منه ظهرت فيه الخروق وإذا آوي إلى نهرٍ أتت ضفدعٌ يسهرني منها النقيق وإذا وافيت روضاً صدَّني سبعٌ عنه وذاوتني شدوق وإذا واجهَ وجهي غيمةً .. رحلت وانطفأت فيها البروق وإذا استذريتُ ظلاً .. جاءني فيه صِلٌ أو مشى فيه حريق وإذا نحلي مضت راحقةً زهراً سُمم في الزهر الرحيق أن أرقى نمط في الناسِ من قلبُه بالخيرِ مخضرٌ وريق ليس يأتيه شتاءٌ تحته تسقطُ الأوراقُ أو تذوي العروق نفسُه شيَّدها الصدقُ فبُنيانه النفسيُّ مشدودٌ وثيق ليسَ هشاً كلما هُزّ بدت فيه للعين شروخٌ وشقوق وبه نهرٌ ألمع ما حوله من مرابي الخيرِ في الأرضِ دفوق ليس بئراً حُفرت شوماً ففي قاعها إما جفافٌ أوغريق كم هو السوءُ دماماتٌ ومقتٌ وتشويهٌ وخزيٌ وفسوق كم به عجزٌ وأحزانٌ وصَرْعٌ .. وكم فيه صريعٌ لايفيق خصمُه كلُّ رفيعٍ .. وحواريّه الأثامُ والقبحُ الصفيق والجمالياتُ يلقاها بلا غِبطةٍ فيه ولا حسٌّ يذوق محنةٌ مفجوعةٌ صاحبها قام فيه الشكُّ وأنهارَ الوثوق عاجزاً أحقده العجز على من أتى الأفواقَ وثَّاباّ يفوق حيواني الدناءاتِ بلا عائق يثنيه عنها أو يعيق كيف يعطيك جمالَ الخير .. من كله للخير نَبذٌ وعقوق كيف يعطيك وقارَ المجدِ .. من نفسه ما مجُدت كيف يطيق أغنياتُ الشمسِ لا يعزفها غيرُ قلبٍ فيه فجرٌ وشروق وحديثُ النجمِ لايرويه منحدرٌ يمضغُهُ عمقٌ سحيق في الثرى تلصقُهُ نفسٌ ترابيةٌ فهو على الأرض لصيق جاهلٌ .. ما نفسه يحسبها جهله مأذنةً وهي طريق كم أرى في الصدقِ خوفاً أن يقولا أننا للخيرِ قد جئنا شمولا أو أتينا الأرض غيماً وسيولا تغسلُ الناهدَ أو تروى السهولا لم نكن في أرضنا يوماً وقاراً ولا صدقاً ولا خيراً جليلا لم نكن فيها عطاءاتٌ وخصب ولا سرنا بها إلاَّ ضُحولا لم تجدنا الأرضُ للأخلاقِ موسوعةً تلقى من النبل القبولا لم تجدنا شرفاً يوماً لإنسانها المقهورِ بل خزياً ثقيلا لم نكن في أفقها فجرٌ يضيئ .. ولا في وجهها ظلاًّ ظليلا لم نكن في شمسها إلاَّ الزوال .. وفي أنجمها إلاَّ الأفولا لم نكن في روحها يوماً سوى جَرَبٌ تهرشه داءً وبيلا والأولى جاؤا إلى الدنيا عباقرةً منا بها كانوا قليلا في نبيٍ أو صحابيٍ وفي فلتةٍ عانى من القهرِ طويلا وغدرنا فيه إشراقاً وخنا مضيئاً جاءَ للفكر رسولا نفرٌ منَّا أتوا للأرض فجراً .. وسرحنا نحن في الفجر وحولا نفرٌ قد مات مذبوحاً بأحقادنا .. أو مات مقبوحاً ذليلا وركبنا مجدهم خيلاً بها نملء الدنيا غباراً وصهيلا وكذبنا أنهم داخلنا وبهم نسرح في الدنيا فحولا نحن مهزمون في أنفسنا لم نجد يوماً إلى النصرِ سبيلا كلما سرنا زحوفاً نرجف الأرض .. عُدنَا فوقها نحبو فلولا في خشوعٍ لم يعد يسمع فينا أهازيجاً وحرباً وطبولا ورجعنا الدارَ إما قاتلاً غادرَ الأخلاقُ فيها أو قتيلا وأتى البغيُ على متن هزائمنا أُسداً وغيلا نحن أقزامٌ .. فلن تنطاد قاماتنا يوماً ولن تزدادَ طولا عرباً كنا .. وأعراباً غدونا .. فقبيلٌ ماقتٌ منا قبيلا قد تبرأنا من الرشدِ .. فجانبنا الرشدُ وجافانا رحيلا كم مقتناهُ .. كما لو كان في عمرنا ابن حرامٍ أو دخيلا كم قبحنا وتوقحنا على الناس أن تنظرنا قبحاً جميلا وبأن الضوءَ والأخلاقَ والمجدَ في أملاكنا جيلاً فجيلا ثم أثبتنا لها أن ليس منا على أنفسنا أكذب قيلا تعبَ التاريخُ بحثاً أن يصيب لنا في الكذبِ الضخمِ مثيلا والدماماتُ بنا لم ترجع الهجرة كي تلقى لها عنا بديلا همجاً عشنا مع السوء بها .. ومغولاً قبل أن نلقى المغولا أبداً نحن ورائيون عُمي الطموحاتِ صعوداً ونزولا لا أمَامِيون نمشي لنرى مبتغانا ممكناً أم مستحيلا يلطمُ الصخرُ قفانا .. فندور لكي نسقط عجزاً وذهولا وإذا قمنا من الصرع بنا فَلِكَي نهتفُ بالنصرِ قفولا ولكي نسقطُ مرةً أخرى .. ثم ننهض سحّابين للمجدِ ذيولا أيُّ مجدٍ لكسيحٍ مقعدٍ أتعب الأسيافَ مشقاً وصليلا ***** أذكرك والليالي أذكرك والليالي غامضات النجوم والسماء مستضيفه ساريات الغيوم والقمر قد توارى في السحايب يعوم والهواجس بقلبي ساهره لاتنوم *** أذكرك والرياحين يسكبين العبير والمنى كالفراشات ملء روحي تطير فوق طيفك وطيفك في خيالي أسير *** أذكرك والحمايم يسجعنّك لنا والندا والبراعم يسمعنّك غُنا والعيون الحوالم يحملنّك رنا وأذكرك وانت نايم ملء عينك هنا حين يكون كل هائم نام إلا أنا *** سكن عيوني سهاد شلّت منامي عيونه وتحت صدري فؤاد الحب ديني ودينه كلما توجعت زاد هواه وزادت شجونه وكلما كف عاد يهز صدري حنينه *** تحت جنح الليالي.. الليالي الطوال احملك في خيالي أنت أحلى خيال وأنشغل بك وحالي ماخطر لي ببال واذكرك ياظلالي أنت أندى ظلال وأحضنك ياضلالي أنت أهدى ضلال *** وأصطبح بك وفجري قد بدأ يستدير في السماء حيث يذري من نداها الغدير وأذكرك أنت عمري أنت فجري الكبير ***** عزة النفس بعد 13 يونيو 1974 تشكل مجلس القيادة برئاسة إبراهيم الحمدي، وفي حادثة مؤلمة امتدت يد أحد أعضاء مجلس القيادة على أحد أبناء الشاعر، فتألم أيما تألم، ونقل الأمر إلى الرئيس إبراهيم الحمدي، وتم عزل عضو مجلس القيادة ذلك. ومن شدة الألم وقسوة التجربة قال الشاعر هذه القصيدة التي وجهها إلى الرئيس إبراهيم الحمدي. عزة النفس لا مَنْ مَضَى خَيْرٌ لي مِنَ السَّلَـــفِ ولا الجديدُ عن الماضي بمختلـــفِ ولا الضَـــلالاتُ تُلْهِيني زَخَاِرُفها عن كبريائي وعـن قَدْرِي وعن أَنَفي فأَلْثَمُ القَاعَ مأخــــوذًا بِمَوكِبَها تَظَفَّرَ الزَّحْـــفُ لَمْ يَهْدَا ولَمْ يَقِفِ لقد حَــزِنْتُ وأحْــزَاني تُجَلَّلُ ما حَـوْلي وتُعْطِيه مِنْ حُزْنِي ومِنْ أَسَفي فَـلاَحَ لي كلُّ شيءٍ شَائِــهاً خَرِباً وكُلُّ مَعْنَىً جَمَــــالِيًّ إِلى تلَفِ وكُلُّ شَيئٍ هُنَا تَبْــــدُو مَلامِحُهُ تَحْيَا الحياةَ بِلا طَعْـــمٍ ولا شَغَفِ حَتَّى البِيُــوتَ تَبَدَّتْ وهِيَ سَاهِمَةٌ كَئِيبَةَ الضَّــــوءِ والأبْهَاءِ والغُرَفِ حَتَّى الَمَـرايا على حِيَطَــانِهَا كَبِيَت كَأَنَّمَا هُنَّ أَلْوَاحٌ مِنَ الخَـــــزَفِ حَتَّى الشُّجَيْــرَاتُ جَفَّتْ فِي مَنَابِتِهَا وأَصْبَحَتْ حَطَبًـــا فِي كُلًّ مُنْعَطَفِ حَتَّى الأَزَاهِـــرُ مَا عَادَتْ مُرَوْنَقَةً كَأَنَّمَا جِئْـنَ مِن بُــؤسٍ ومِنْ شَظَفِ حَتَّى النَّدَى فَوقَ أَوْرَاقِ النَّبَـاتِ غَدَى تَحْتَ الشُّعَاعِ بَلِيْـــدَاً خَامِلَ النُّطَفِ طُوبَى لِنَفْسِي كَمْ أَحْبَبْـــتُ ذا خُلُقٍ مِنَ الرِّجَــالِ وكَمْ صَاحَبْتُ ذا شَرَفِ وَوَيْـــحْ نَفْسِي كَمْ مَرَّتْ عَلى نَتِنٍ مِنَ النُّفُـــوسِ وكَمْ أَوْفَتْ عَلى جِيَفِ يا مَنْ عَلِمْـــتُ بِأَنَّ الصِّدْقَ جَاءَ بِهِ كَالفَجْــرِ يَسْدِلُ أَضْوَاءً عَلى السَّدف ومن يُـرى في غُثَـاءِ الخَلْقِ جَوهَـرَةً بِمَا يَحُـطُّ ويُخْـزِي غَيْـرَ مُتَّصِفِ هَلَ الهَــوانُ غَدَى فِي أَرْضِنَا نَمَطَاً مِنَ الرَّخَــــاءِ ومَرْوُدَاً مِنَ التَّرَفِ يُعْطِـــي اللَّطِيمُ كِلا خَدَّيْهِ لاطِمَهُ لِكَي يَقُــــومَ سَويَّاً غَيْرَ مُنْحَرِفِ تَمْشِي الوقَاحَـــةُ فِي أَرْضِي مُبَجَلَةً كَأَنَّهَا تُحْفَـــــةٌٌ مِنْ أَنْدَرِ التُّحَفِ حَتَّى الذُّبَابَــــاتِ تَأتِي مِنْ مَزَابِلِهَا طَنِيْنُهَـــا قَد غَدى لَوْنَاً مِنَ الظَّرَفِ يامِحْنَـــةُ الصِّدْقِ مِنْ زَيْفٍ بِقَبْضَتِهِ سَيْــفٌ .. ومَرْكِبُهُ وَحْشٌ مِنَ الصَّلَفِ كَمْ هَــــابِطٍ تُقْبِلُ الدُّنْيَا لِتَفْضَحَهُ فَسْلَ العُــــرُوقِ وَبِيَئاًِ سَيِّئَ السَّلَفِ ياأُمَتِـــي أَيْنَ أَحلامِي؟ وكَيْفَ أَرَى فِيْكِ النَّظِيْـــفُ رَفيِقُ السَّيئِ النَّطِفِ وكَيْفَ أَشْهَـــدُ فِيْكِ الصِّدْقَ مُفْتَقِداً صِدْقَ المَعَايِيْــــرِ والتَّمْيِيْزِ والنَّصَفِ وكَيْفَ يَصْحَـــبُ فِيْكِ الفَجْرُ غُرَّتَهُ ليلَ المَغَــــاوِرِ والأَنْفَاقِ والجُرُفِ فَرَشْـــتُ للنَّاسِ وِدْيَانَ الَحِرْيِر نَدَىً فَرَاحَ يُــذْرَى عَليها يَــابِسَ العَلَفِ مَا للأَرَائِــــكِ أَمْسَتْ فِيْكِ حَاِئَرةٌ يُجَالِــــسُ الطِّينُ فِيْهَا لؤلؤَ الصَّدَفِ و فِي يَمِيْنِكِ تَبْــــدُو بَاقَةٌ جُمِعَتْ فِيْهَا خَلِيـــطٌ مِنَ الرَّيْحَانَ والسَّنَفِ كَأنَّمَا فِيْـكِ تَمَّــــارٌ مَضَتْ يَدُهُ في الغِّـشِ تَخْلُـطُ بَيْن التَّـمْرِ والحَشَفِ مَدَائِــــحُ الزُّوْرِ مَا سَارَتْ بَذَاءَتُهَا على حُــرُوفِي ولا امْتَدْتْ عَلى صُحُفي كَمْ يَفْســـَقُ الحَرْفُ إِنْ ذَلَّتْ كَرَامَتُه لِجَارِمٍ آثِمَ الوجْـــــدانَ مُقْتَرِفِ إِنِّي لأَرْفُـضُ إِثْمَ الآثِمــــِيْنَ ولو أَنَّ السَّمَــاواتَ قَدْ تَهْوي عَلى سُقُفِي لا أَرْضَ لي فَوقَ أَرْضٍ قَدْ أَعِيْــشُ بِهَا بِدُونِ رَفْضٍ ولا لامٍ ولا أَلِـــــفِ أَرْضِــي التي وَهَبَتْ نَفْسِي الشَّبَابَ لَهَا وعِشْــــتُ أَنْسِفُ فِيْها كُلَّ مُعْتَسِفِ تَبَخْتَرَ الإِثْــــمُ في أَجْنَـابِهَا وغَدَتْ مَصَائِرُ النَّاسِ للأَقْـــــدَارِ والصُّدَفِ يُقَصّـِرُ الخَيْــرُ فِيها مِنْ مَسَاحَــتَهُ وفُوقَها السُّوءُ مُمْتَـــداً بِلا طَــرَفِ ويُبْطِئُ الصِّـدقُ فِي خَطْـــوِهِ حَذِرَاً مِنَ العِقَـابِ ويَمْشِـي مَشْـيَ مُرْتَجِفِ مَنْ مُلْزِمِـي طَاعَـــةً فِيها ومَسْكَنَةً لِصَوْلَـةٍ قَبَّحَتْــهَا أَوْجُــهُ الشَّرَفِ أَكَــادُ أَفْقَـدَ إِيَمَـانِي بِهـا وأَرَى أَنَّ البَقَــــاءَ عليها بَاهِـضُ الكُلَفِ لـولا مُروءة شهـمٍ في جـــوانحه نفـسٌ معطـرةٌ كالروضةِ الأَنــفِ أتى النبالــةَ سعيـاً في مســالكها مُضـوّءَ الـوجهِ فيها أبيضُ الصـحفِ أمشـي إليه بأحـزاني فينـــزلني من الحميّـةِ والأفضـــالِ في كنفِ وإن ظُلمتُ من الأيـام رافقــــني كالسيـفِ منصلـتاً في كـف منتصفِ فتىً أيــاديه بالمعروفِ تُثقلُــــني كأنهُ هـو محمـولٌ على كتــــفي **** وَثائِق ُالشَّمْس كَمْ يِحْزَنُ الْنَّجْمُ وَيَبْكِيْ القَمَرْ وَيَمْسَحُ الْلَّيْلُ دُمُوْعَ الْدُّرَرْ وَتَسْأَلُ الْغَيْمَاتُ وَجْهَ الْسَّمَا وَتَسْأَلُ الأَرْضُ نَسِيْمَ الْسَّحَرْ وَتَسْأَلُ الأَوْرَاقُ قَطْرَ الْنَّدَىْ عَنَّا وَيَبْكِيْ الْفَجْرُ فَوْقَ الْزَّهَرْ وُمُنْذُ أَنْ غِبْنَا عَنَ الْمُلْتَقَىْ وَالْعِشْبُ يَنْسَىْ شَوْقَهُ لِلْمَطَرْ وَالْوَرْدُ فِيْ أَكْمَامِه ِكُلَّمَا أَسْقَاهُ قَطْرُ الْغَيْمِ فِيْهَا ضَمَرْ وَالْرَّنْدُ تَذْرِيْ الرِّيْحُ أَوْرَاقَاهَا مَحْرُوْقَةً فِيْ ضِفَّتَيْ النَّهَرْ وَالْظِّلُ يَلْقَىْ أَنَّهُ قَدْ خَلاَ مِنَّا فَيُلْقِيْ رُوْحَهُ فِيْ سَقَرْ وَإِنْ أَتَيْتُ الْنَّهَرَ وَحْدِيْ لَوَىْ عَنِّيْ وَغَطَّىْ وَجْهَهُ بِالْشَّجَرْ وِفِيْ الضِّبَا حَتَّىْ عِيُوْنُ الضِّبَا يَبْكِيْ الرَّنَا فِيْهَا وَيَبْكِيْ الحَوَرْ فَإِنْ أَتَىْ وَجْهِيْ إِلَيْهَا تَوَالَىْ الدَّمْعُ مِنْ أَجْفَانِهْا وَانْحَدَرْ وِقَدْ جَثَتْ حَوْلِيْ كَلَوْ أَنَّهَا جَثَتْ حَوَالَيْ رَاهِبٍ مُحْتَضِرْ كَمْ عِشْتَ فِيْ عَيْنِيْ تُوَاخِيْ بِهَا إِنْسَانَ عَيْنِيْ حَيْثَ ضَوْءُ البَّصَرْ وَكُنْتَ تَأتِيْ فِيْ جَمَالِ الْضُّحَىْ عِنْدِيْ فَتُخْزِيْ لِيْ شُمُوْعَ السَّمَرْ وَكُنْتَ إِنْ خَلَّيْتَ دَارِيْ أَرَىْ دَارِيْ كَأَنَّ الكُفْرُ فِيْهَا اسْتَقَرْ وَإِنْ أَتَيْتَ الدَّارَ ضَاءَتْ كَلَوْ قَدْ وَاجَهْتْ مَهْدِيَّهَا المُنْتَظَرْ هَيْهَاتَ أَنْ أَنْسَاكَ إِلاَّ إِذَا تَزَنْدَقَتْ نَفْسِيْ وَقَلْبِيْ كَفَرْ أَدَمْتَ لِيْ أَسْفَارَ حِسِّيْ فَمَا نَفْضَتَ عَنْ حِسِّيْ غُبَارَ الْسَّفَرْ وَالْنَّوْمُ مِنْ عَيْنِيْ يُوَلِّيْ لِكَيْ يُمْسِيْ يَذُرُّ الْشَّوْكَ فِيْهَا الْسَّهَرْ وَتَنْحَتُ الأَشْوَاقُ رُوْحِيْ وَيَأتِيْنِيْ مِنَ الأَعْمَاقِ صَوْتُ الْذِّكَرْ ِفيْ أََْضْلُعِيْ تَبْكِيْ كَلَوْ أَنَّ قِدِّيَسًا كَبِيْرَاً فِيْ ضُلُوْعِيْ انْتَحَرْ أَوْ أَنَّ فِيْ حُضْنِيْ رُفَاتَ الْمُنَىْ وَقَبْرَهَا فِيْ دَاخِلِيْ يَحْتَضِرْ يَاأَنْتَ يَامَنْ عَاشَ لِلْحُبِّ فِيْ مَعَارِكَ الْحُبِّ وَفِيْهَا أَصَرْ وَبَارَزَ الْدُّنْيَا وَفِيْ رُوْحِهِ لُطْفُ الْنَّدَىْ يَأوِيْ وَعُنْفُ الْقَدَرْ سَنَلْتَقِيْ إِنْ طَالَ فِيْ عُمْرِنَا عُمْرُ الْهَوَىْ والْصَبْرُ فِيْنَا صَبَرْ وَتُشْهِدُ الْفَجْرَ عَلَىْ حُبِّنَا وَثَائِقُ الْشَّمْسِ بِخَتْمِ الْقَمَرْ ***** بكر غبش بكر غبش في الطل والرشاشي بكر بكور قبل الطيور ماشي حالي وسط ململم الحواشي أخضر من الله لا مطر ولا شيء على الروابي تحت ظل الأشجار فوق المروج الخضر بين الأزهار عند المراعي في ضفاف الأنهار ربى الهوى وشب في دمه نار بكر غبش ساني القوام أهيف لا طارح الخنة ولا مشرشف يسبي القلوب في نظرته ويخطف ساجي الرنا قلبي رفرف بكر وعاد الطير وسط الأعشاش والفجر طالع بالشعاع رشاش يمشي بخفة للنهود رعاش وخطوته فوق التراب أنقاش بكر وطل الصباح ملء خده وفرحة الأحلام فوق نهده والحقل يفتش له طري ورده وأنا وروحي والفؤاد بعده أخضر تمخطر والنهار طالع يقسم النشوة على المزارع لفت وسلم واستمر جازع وداعتك واحافظ الودايع ***** حسنك لعب بالعقول حسنك لعب بالعقول وانا مرَوَّحْ ضحيه عنَّك حديثي يطول فاسمع حديثي شويه شلت ترابي السيول وراح زرعي عشيه( ) وأنا معك في ذهول أمشي على حسن نيه مدريش ماذا تقول.. عيونك البابليه( ) وأسمع رنين الحجول( ) مثل الأغاني الشجيه وحليتك عقد لول وقامتك يافعيه( ) وتحت نحرك حمول فواكهه مستويه تبقى بكل الفصول ملآن صدرك طريه هات الشهود العدول شاقول آخر وصيِّه شاموت ساكت خجول وافوت من غير ديَّه ***** أَحْلاَم ُالسِّنِيْن أو لك أيامي لَكَ أَيَّامِيْ وَشَوْقِيْ وَحَنِيْنِيْ لَكَ آهَاتُ فُؤَادِيْ وَشُجُوْنِيْ يَاحَبِيْبِيْ أَنْتَ مَالَمْلَمْتُهُ مِنْ مُنَىْ الْعُمْرِ وَأَحَلاَمِ الْسِّنِيْنِ فِكْرَةٌ أَنْتَ صَحَبْتُ الْعَقْلَ فِيْهَا وَفَارَقْتُ جُنُوْنِيْ جِئْتُ دُنْيَا أَنْتَ فِيْهَا حُلُمِيْ فِيْ أَحَاسِيْسِيْ وَفِيْ نَبْضِ دَمِيْ أَنْتَ لِيْ كُلُّ وُجُوْدِيْ فَإِذَا لَمْ أَكُنْ فِيْكَ طَوَانِيْ عَدَمِيْ وَمُعَانَاتِيْ لِحُبِّيْ وَاجَهَتْ كُلَّ شَيْءٍ فِيْهِ إِلاَّ نَدَمِيْ يَاحَبِيْبِيْ لَيْسَ فِيْ الْحُبِّ ذُنُوْبْ تُخْجِلُ الْطُّهْرَ فَمِنْ مَاذَا نَتُوْبْ إِنَّهُ لِلَّهِ تَمْجِيْداً تَرَدِّدُهُ الأَرْضُ وَتَتْلُوْهُ الْقُلُوْبْ لَمْ يَعُدْ سِرَّا هَوَانَا أَوْ تَخَفِّيْ فَيَرَىْ مِنْ صِدْقِنَا لَحْظَةَ ضَعْفِ خَوْفُهَا يُنْكِرُهُ مِنَّا وَيَنْفِيْ أَيَّ قَلْبٍ سَيُدَارِيْهِ وَيَخْفِيْ أَلْفُ قَلْبٍ لِهَوَانَا لَيْسَ تَكْفِيْ فَاسْتَرِيْحِيْ أَلْسَنَ الْنَّاسِ وَكُفِّيْ حُبُّنَا مَا تَاهَ فِيْ الإِثِمِ وَلاَ ضَلْ حُبُّنَا أَتْقَىْ مِنَ الْتَّقْوَىْ وَأَنْبَلْ حُبُّنَا قُرْآنُ قَلْبَيْنَا الْمُرَتَّلْ لَكَأَنَّا نَغْسِلُ الْفَجْرَ بِهِ أَوْ كَأَنَّا فِيْهِ بَالآيَاتِ نُغْسَلْ كُلُّ شَيْءٍ جَاءَ إِثْمَاً كِبْرُهُ فِيْهِ وَالْحُبُّ كَرِيْمُ الْكِبْرِيَاءِ لَمْ نَعِشْ أَيَّامَنَا فِيْ حُبِّنَا فَوْقَ أَرْضٍ بَلْ عَلَىْ عَرْشَ ضِيْاءِ كَمْ نَزَلْنَا غُرَّةَ الْشَّمْسِ ضُحَىً وَأَتَيْنَا الْنَّجْمَ فِيْ جَوْفِ مَسَاءِ وَسَمَوْنَا وَحَسِبْنَا أَنَّنَا نَحْنُ وَالأَمْلاَكَ جِيْرَانُ سَمَاءِ يَاحَبِيْبِيْ إِنَّ بِدْئِيْ فِيْ حَيَاتِيْ وَضُحَىْ أَيَّامُ عُمْرِيْ الْمُشْرِقَاتِ لَيْسَ مَامَرَّ وَلَكِنْ مَاسَيَأتِيْ يَوْمَ أَلْقَاكَ وَأَلْقَىْ أُمْنِيَاتِيْ وَأَرَىْ فِيْكَ نُشُوْرِيْ مِنْ مَمَاتِيْ لَيْسَ فِيْ أَيَّامِ بُعْدِيَ عَنْكَ إِلاَّ حَسَرَاتِيْ إِنَّهَا تَأتِيْ حَزِيْنَاتٍ كَأَيَّامِ وَفَاتِيْ وَبِهَا وُحْشَةُ قَبْرِيْ وَلَهَا صَمْتُ رُفَاتِيْ ظَالِمٌ مَنْ يَحْسَبُ الْحُبَّ اخْتِيَارَا نَحْنُ فِيْهِ بِيَدِ الْغَيْبِ أَسَارَىْ لَمْ نَكُنْ نَحْنُ أَرَدْنَاهُ وَلَمْ تُعْطِنَا أَقْدَارُنَا فِيْهِ خَيَارَا أَوْ نَكُنْ نَمْلَكُ فِيْهِ خَطْوُنَا يَوْمَ سَرْنَا حَيْثَ رَكْبُ الْغَيْبِ سَارا تَرْجَمَتْنَا أَلْسُنُ الْنَّاسِ بِهِ خَطَأً فِيْهِ الْخَطَايَا تَتَوَارَىْ هَكَذَا دَرْبُ هَوَانَا قَدْ بَدَا كُلَّهُ شُوْكَاً وَلَيْلاً وَعِثَارَا مَاعَلَيْنَا إِنْ عَبَرْنَاهُ كَمَا تَعْبُرُ الُطَّيْرُ إِلَىْ الأَيْكِ قِفَارَا إِنَّهَا أَقْدَارُنَا شَاءَتْ لَنَا فِيْهِ أَنْ نَمْشِيْ إِلَىْ الْجَنَّةِ نَارَا وَامْتِحَانٌ لَفُوَادَيْنَا بِهِ تَصْنَعُ الأَقْدَارُ لِلْحُبِّ انْتِصَارَا كُلَّمَا مَدُّوْا ظَلاَمَاً حَوْلَنَا أَطْلَعَ الْحُبُّ لِقَلْبَيْنَا نَهَارَا وَمَشَى فِيْ ضَوْءِهِ مُكْتَسِيَاً شَفَقَ الُفَجْرِ وَأَحْلاَمَ الْعَذَارَى فِيْ مَدَىْ عُمْرِكَ أَوْ أَبْعَادِ عُمْرِيْ لَمْ يَكُنْ قَلْبِيْ وَلاَ قَلْبُكَ يَدْرِيْ أَنَّنَا فِيْ رِحْلَةِ الأَقْدَارِ نَسْرِيْ لِنُلاَقِيْ الْحُبَّ فِيْ أَحْضَانَ فَجْرِ مِنْ نَقَاءٍ عَبَقِ الْضَّوْءِ وَطُهْرِ شَرِبَ الْفَجْرُ بِهِ مَوْجَةَ عِطْرِ كَمْ ضَحَكْنْا عِنْدَمَا قَالَ سِوَانَا رُبَّمَا الأَيَّامُ تُنْسِيْنَا هَوَانَا عَجِزَ الْنِّسْيَانُ أَنْ يُنْسِيْنَا أَوْ يُلاَقِيْ فِيْ فُوَادَيْنَا مَكَانَا وَلَقْدْ كُنَّا أَرْدْنَاهُ فَبَارَكْ أَشْوَاقَ هَوَانَا وَنَهَانَا وأَتَانَا مُنْذِرَاً أَنَّ لَنَا الْوَيْلُ إِنْ نَحْنُ غَدَرْنَا بِمُنَانَا مُسْتَحِيْلٌ يَاحَبِيْبِيْ أَنَّنَا فِيْ مَدَىْ الأَيَّامِ نَنْسَىْ حُبَّنَا وَهُوَ الْحُبُّ الْذِيْ أَوْجَدَنَا وَوَجَدْنَا عِنْدَهُ أَنْفُسَنَا وَبِغَيْرِ الْحُبِّ مَاكُنْتَ لِتَعْرَفَ مَنْ أَنْتَ وَأَدْرِيْ مَنْ أَنَا إِنْ سُئِلْنَا عَنْهُ قُلْنَا لِمَنْ يَسْأَلَنَاكَانَ هُنَا وَهُوَالْفَيْضُ الَّذِيْ أَعْطَىْ لَنَا فَوْقَ مَايُمْكِنُ لا مَاأَمْكَنَا كَيْفَ يَنْسَىْ الْقَلْبُ أَوْ تَنْسَىْ الأَمَانِيْ حُبَّكَ الْمَوْلُوْدَ فِيْ دِفْءِ حَنَانِيْ وَفُؤَادِيْ فِيَّ لَوْ شِئْتُ لَهُ غَيْرَ نَبْضِ الْحُبِّ نَبْضَاً لَعَصَانِيْ وَضِيَا عَيْنِيْ لَوْ شِئْتُ بِهِ أَنْ أَرَىْ غَيْرَ حَبِيْبِيْ مَا أَرَانِيْ وَلِغَيْرِ الْحُبِّ لَوْ شِئْتُ أُغَنِّيْ لَمَاتَتْ فَوْقَ أَوْتَارِيْ بَنَانِيْ أَوْ أَتَانِيْ الْنُطْقُ لاَيَطْرَحُ غَيْرَ حُرُوْفَ الْحُبِّ حَرْفَاً فِيْ لِسَانِيْ كَمْ ظَمِئْنَا فِيْهِ وَجْدَاً وَهَيَامَا وَلَقِيْنَا فِيْهِ عَذْلاً وَمَلاَمَا وَحَمَلْنَاهُ دُمُوْعَاً وَابْتِسَامَا وَتَقَاسَمْنَاهُ سُهْدَاً وَمَنَامَا فَهُوَ فِيْنَا كُلُّ مَا نَحْيَا بِهِ مِنْ مُعَانَاةٍ لِنُعْطِيْهِ الْدَّوَامَا لَوْ فَقَدْنَاهُ لَعِشْنَا بَعْدَهُ ذُلَّةَ الْيُتْمِ وَأَحْزَانَ الْيَتَامَى حُبُّنَا أَكَبْرُ مِنَّا وَهَوَانَا لَيْسَ يُفْنَىْ كَيْفَ يُفْنَىْ كَيْفَ يُفْنَىْ فَهُوَ كَانَ لِقَلْبِيْنَا فَنَاءً فَنِيْنَا فِيْهِ أَشْوَاقَاً وَمُتْنَا وَبُعِثْنَا فِيْهِ نَأوِيْ وَاحَةً ذَابَ فِيْهَا الْفَجْرُ إِشْرَاقَاً وَحُسْنَا وَلَوْ أَنَّا فِيْهِ شِئْنَا أَنَّ نَكُوْنَ مَلِيْكَانِ عَلَىْ فَجْرٍ لَكُنَّا لاْتُساءلْنِي عَنِ الْلُّقْيا وَلاَ تَشْكو أَنَّ الْصَبْرَ بِالْفُرْقَةِ ضَاقَا فَمَتَى فَرَّقَنَا الْحُبُّ ومَا عَرَفَ الْحُبُّ لِقَلْبَيْنَا افْتِرَاقَا نَحْنُ رُوْحَانِ وَلَكِنْ دَمَنَا لَوْ أَسَالُوْهُ ذَبِيْحَاً لَتَلاَقَىْ وَحَبِيْبَانِ تَسَاقَيْنَا الْهَوَى وَشَرِبْنَا كَأسَنَا فِيْهِ دُهَاقَا وَبِهِ نَحْنُ تَخَاصَمْنَا مَعَ الْصَحْوِ وَالْفُرْقَةِ .. سُكْرَاً وَعِنَاقَا فَمَتَى كُنَّا أَفَقْنَا لِنَخَافَ هُمُوْمَ الْعَقْلِ أَوْ نَخْشَى الْفُرَاقا فِيْ طَرِيْقِ الْحُبِّ لَسْنَا وَحْدَنَا كُلُّهَا الأَقْدَارُ تَمْشِيْ مَعَنَا يَرْسُمُ الْغَيْبُ لَنَا مَوْعَدَنَا لِتَلاَقِيْنَا عَلَىْ عَرْشِ الْمُنَى كَمْ مَشَيْنَا بِالْجَوَى وَالْحُبِّ دَرْبَا نَمْلَءُ الأَيَّامَ أَشْوَاقَاً وَحُبَّا عَطَرَ الْلَّيْلِ نَدِيَ الْفَجْرِ خَصْبَا كَادَ أَنْ يَكْسُوْ وُجُوْهَ الْصَّخْرِ عُشْبَا كَمْ تَغَنَّيْنَا وَأَصْغَتْ لِغِنَانَا زَهْرُ وَادِيْنَا وَرَيْحَانُ رُبَانَا وَتَرَكْنَا الَعُمْرَ فِيْ نَشْوَتِنَا قَدْ سَقَاهُ حُبُّنَا مِمَّا سَقَانَا وَحَسِبْنَا الأَرَضَ مِنْ فَرْحَتِنَا مَاعَلَيْهَا مِنْ مُحِبِّيْنَ سِوَانَا وَصَحَىْ الْطَّيْرُ عَلَىْ أَنْغَامِنَا يَوْمَ وَشَّيْنَا ضُحَىْ أَيَّامِنَا وَانْحَنَىْ الْوَرْدُ عَلَىْ أَقْدَامِنَا ظَامِئَاً نُسْقِيْهِ مِنْ أَحْلاَمَنَا يَاحَبِيْبِيْ سَوْفَ يَمْشِيْ دَرْبَنَا كُلُّ مَنْ يَحْمِلُ قَلْبَا وَسَيَحْمِيْ يَاحَبِيْبِيْ حُبَّنَا كُلُّ قَلْبٍ قَدْ أَحَبَّا قُبُلاَتٌ لِهَوَانَا وَلَنَا مِنْ قُلُوْبٍ قَدْ أَحَبَّتْ مِثْلَنَا وَقُلُوْبٍ قَدْ أَحَبَّتْ قَبْلَنَا تَنْثُرُ الْوُرْدَ نَدِيَّاً حَوْلَنَا وَهُوَ الْحُبُّ الَّذِيْ أَهَّلَنَا مَعَهَا فِيْهِ فَصَارَتْ أَهْلَنَا يَاحَبِيْبِيْ إِنَّمَا اْلُحُّب قَدَرْ قَاهِرٌ فَوْقَ إِرَادَاتِ الْبَشَرْ كَمْ لَهُ حَدُّوْا حُدُوْدَاً فَأنْتَشَرْ وَتَحَدَّتْهُ قُلوْبٌ فَانْتَصَرْ كَمْ أَعَاقُوْهُ وَلَكِنْ أَيْنَ لِلْرَّمْلِ أَنْ يَحْبِسَ تَيَّارَ الْنَّهَرْ مُعْجِزٌ يُطْفِىْءُ حَتَّىْ صَاعِقَ الْبَرْقِ فِيْهِ إِنْ تَعَالَىْ أَوْ أَصَرْ قَدْ يَرَىْ الْشَّوْكَ فَتُوْتِيْهُ فَضَائِلُهُ فِيْ الْشَّوْقِ أَعْبَاقَ الْزَّهَرْ وَيَرَىْ الْلَّيْلَ فَتُعْطِيْهُ خَصَائِصُهُ فِيْ الْلَّيْلِ شَمْسَاً وَقَمَرْ يَاحَبِيْبِيْ إِنَّ أَيَّامَ لِقَانَا سَوْفَ يَلْقَاهَا قَرِيْبَاً مُلْتَقَانَا مَالِئَاتٍ كُلَّ أَحْضَانَ الْمُنَىْ لَكَ شَوْقَاً وَحَنِيْنَاً وَحَنَانَا وَتُقِيْمُ الْشَّمْسُ فِيْ إِشْرَاقِهَا لِثَبَاتِ الْحُبِّ فِيْنَا مَهْرَجَانَا وَيُضِيْءُ الْلَّيْلُ تَمْجِيْدَاً ِلأَوَلِ يَوْمٍ حُبُّنَا فِيْهِ أَتَانَا وَسَنَحْيَاهَا وَنَحْيَا صَفْوُهاَ كَنَبِيْيَّنِ لَهُ الْحُبُّ اصَطَفَانَا
E-mail me when people leave their comments –

You need to be a member of poetsofottawa3 to add comments!

Join poetsofottawa3

Ottawa International Poets and Writers for human Rights (OIPWHR)