:قالوا في د. سلطان الصريمي
صادق الهبوب: قليلون من يجعلون للكلمة دوراً وأثراً في واقعنا المعاش تتلمس كلماتهم طرقها بروية، ترصد وتختزل لتخرج بلسان المجموع لا بلسان قائلها لِما نلمسه من صدى في أنفسنا، وما تحدثه من انزعاج وغضب عند من لا يحبون أن ينظروا إلى المرآة لأنها تعكس صورهم البشعة وتعري كل الأكاذيب. شاعر اليوم والأمس، لم يكتب القصيدة ليشار إليه بالبنان بل كان وما زال يحمل قضية، ويحلم بواقع متغير إلى الأفضل، فالتطور المتسارع في الحياة يفرض على المبدع الكثير من الأسئلة، لماذا ما زلنا ندور حول حلقة مفرغة... سلطان الصريمي عالج في شعره كثيراً من القضايا .. قضايا الاغتراب سواء كان الاغتراب داخلياً أو خارجياً وأثره على الحياة الاجتماعية: وما يحيله هذا الاغتراب من ضرر على الأراضي الزراعية، وكذا ما تحمله المرأة من آلام الحرمان العاطفي وتعب، تحمل مسئولية تربية الأبناء والقيام بالأعمال الزراعية الشاقة. - نبذ وندد بالعادات السيئة التي كانت سبباً من أسباب الهجرة وكان لها دورها وأثرها في التغيير الاجتماعي - سلطان شاعر قريب من أفراد مجتمعه يعيش معهم كل معاناتهم وترجم تلك المعاناة بلغته السلسة ذات المغزى المتعدد المقاصد، فوجدت تلك القصائد من يتلقفها، ويقوم بتلحينها والتغني بها ،وقد كان لها دور في تصحيح بعض المفاهيم وتغيير بعض العادات السيئة. شاعر تحمّل نتائج قصائده التي حاول من خلالها أن يجسد الواقع الأليم والمعاناة التي يمر بها أفراد المجتمع، والذي أريد أن أصل إليه إن هذا القامات الأدبية لم تكن تتشدق بما تقول أو تحاول ابتزاز ما لم تملكه "من ملكة القول" لذا نجد تلك القامات بإنسانيتها تواضعاً وعطفاً على الآخرين نابذة التعالي والغرور.
هدى أبلان: سلطان الصريمي- هذا الشاعر المتفرد بقربه من الناس ومن أحلامهم ومن تفاصيل حياتهم عبر لغته الشعرية والغنائية القريبة من هموم وتطلعات الإنسان اليمني في جغرافيته المتعددة الضاجة بالجمال مكاناً وإنساناً.
ابن المكان والنقابي العريق الذي رافق مسيرة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين منذ التأسيس وحتى الآن متنقلاً بين مهام مختلفة كان في طليعتها الأمين العام ونائب الأمين العام في عدة مراحل.
اليوم يحتفي به الاتحاد وهو المؤسس المخضرم الذي يجمع بين شعر أبيض وقلب أكثر إشراقاً وشباباً وبهاء المساحة من قلب الوطن فهو الحاضر بيننا يملؤه حباً وقداسة ومهابة... يكفي أنه داعٍ نبيل لوحدة الاتحاد وتماسكه وأكثر اشتغالا على خياراته الحضارية المتقدمة المتمثلة في دعم تجربة المرأة وحضور الاتحاد كقلعة للثقافة والحرية والجمال.
سلطان عزعزي :الصريمي.. القصيدة التي أرهقت الخوف
أن تكون شاعرأً يعني أن تحاكي العالم من شكله المتفجر في الحروب
تجربة الشاعر الدكتور/ سلطان الصريمي – ملمحاً متمايزاً في المشهد الشعري اليمني- شكلاً ومضموناً، وتظهرذلك في اشتغالاته الأولى مطلع السبعينات من القرن المنصرم، فعلي صعيد الشكل الكتابي اختط الصريمي لنفسه ممراً خاصاً تمثل في القبض على اللغة العادية واللهجة العامية واستثمار طاقتها الدلالية لتفتح روح الشعر في جسدها وتحولها إلى لغة راقصة حافلة بالعذوبة والاشعاع والتوهج والإيحاء، لينتزع ركودها ويجعلها تتحرك داخل بنية حديثة تمثلها قصيدة التفعيلة، كما تميز المضمون في شعر الصريمي – في ذلك الحفر الجريء والاقتحام الحاد للمناطق الساخنة والملتهبة من خلال الوقوف على القضايا والهموم الاجتماعية والوطنية والسياسية التي تضخ أوجاعها وجراحاتها في جسم المجتمع وتخلف النزيف يسترسل في أوردة شرائحه المهمشة والمسكوت عنها من البسطاء.
وتنفتح عوالم الصريمي الشعري على تنوع ابعاد مضامينها –حيث يتواشج العاطفي بالاجتماعي ويتعانق السياسي بالوطني، والغنائي بالملحمي.. ليتناغم ذلك في لوحة شعرية بانورامية حافلة بالجمال استطاع من خلالها الشاعر أن يقدم بصمته الخاصة ونكهته المميزة في الشعر اليمني حيث استقدم الصريمي عناصر بيئته المحلية ومفردات أحاديث الناس اليومية واعاد خلقها من جديد ليفسح لها جود خاص داخل قاموس الشعر اليمني والذائقة الجمالية.
- اختطفت قصائد الصريمي حضوراً لافتاً جذبت إليه الأنظار كنموذج للشاعر الرسالي الملتزم بهموم وقضايا المجتمع فالشاعر ليس ترفاً ذهنياً أو فيضاً وجدانياً آنياً أو واحة تنفس عابرة لدى الصريمي، والحرف في داخله بقدر ما هو تفجير وخلخة وتثوير لبنى الواقع الراكدة،يغدو صرخة مدوية وحث واستنهاض للوجدان والذاكرة واستنفار ملتهب لمواجهة الظلم والقمع والإكراه وتعرية لاختلال القيم والهدم الذي يطال المجتمع، ويهدد توازنه كما أنها عراك لا يكف وخصومة لا تنتهي من القبح والخوف والإرهاب، حيث تتماهى الكلمة والحرف في قصائد الصريمي مع قيم الشرف والنبل والسمو والمثال:
- يذهب في قصيدة نقوش على جدار الحب القادم
ما ناش ذليل وعمر الخوف ما حصَّل إلى قلبي طريق
أنا اللي حبيت... اتشردت.. اتعذبت
ومن دمي روت كل الكلاب
وراسي في يد الحب المعذب ألف مرة
وكل ما ميتوني كنت أخلق من جديد
أو في مقاطع أبجدية البحر والثورة إذ يقول:
والحرف من داخلي يخرج مغسل بدمه
مش حرف يالله طلبناك
ويقول في قصيدة:
يا هاجسي كم أنا شصبر
والزيف خلفي وقدامي
الصبر لا يشبع الجائع
ولا يبرد عطش ظامي
يمين لاسمع الدنيا
أنين جرحي وآلامي
وارسم على كل يوم تأتي
خيوط حبي وأحلامي
إن تجربة الصريمي الشعرية لا يمكن الإمساك بتنوع ملامحها وسماتها في عجالة كهذه.. فهي بحاجة إلى مساحات أكبر من هذا الفضاء الزمني –لهذه الندوة- وحيز أوسع من البياض وقدر أوسع من مخزون الذاكرة للتحليق في رحابها، وسأختصر الحديث هنا بالتركيز على أهم الملامح التي استوقفتني في هذه التجربة، وأوجزها كالتالي:
* بساطة اللغة المستخدمة والتراكيب الشعرية : والتي تأتي محملة على تدفق شعوري ساخن ملتهب قادرة الوصول إلى القارئ واستيطانيه وترك الأثر.. فهي قصيدة قابلة التلقي بامتياز.. وهي تجمع بين سهولة التلقي وشعرية وعذوبة النص، ولا تضحي بالمباشرة على حساب الفن، ولا تترك الثاني أسيراً في قبضة الأول فوضوح الجملة الشعرية يقابله موقف دلالي البعد الفلسفي والحكمة حيث يقول الجملة الشعرية.
*البعد الغنائي والملحمي:
وهنا يجد النص الشعري فضاء تحققه الغنائي في استيحاء ايقاعاته من أنماط المحيط الاجتماعي والحياة وهو ما يجعل القصائد المغناة انبثاقاً حياً لهذا الايقاع الذي نطالعه في أهازيج المرآة في قصيدة "مسعود هجر "ونلمحه في التنهيدات والأنات المسحوبة والشجون المبتاعة في أغاني "متى وراعية شمطر –يا هاجسي- تليم الحب في قلبي" الأولى والثانية بصوت الفنان عبد الباسط عبسي والثالثة بصوت الفنان أيوب طارش.. إضافة إلى أغان أخرى غناها المرشدي وأيوب وعبد الباسط عبسي وجابر علي أحمد ونجيب سعيد ثابت.
وفي البعد تنوع المضامين الشعرية حيث نجد البعد الاجتماعي والعاطفي والمضمون الوطني والسياسي يسيطر عليها بشكل كبيرويشكل الوطني بؤرته.
*الصدق الفني وحضور التجربة في الشعر:
الصريمي لا يكتب القصيدة بالقلم فحسب بل يكتبها بحياته إذ يندمج الموقف الشعري بالموقف العام للحياة، ومثلما قادته القصيدة "الأغنية" إلى قلوب الآلاف من البسطاء قادتهم أيضاً إلى المعتقل وهناك واجه صنوف شتى من المخاوف والعزلة والتقى مع أطياف من المعاناة وتقييد الحرية والألم النفسي، لكن ذلك لم يجعله يصطحب السجن في داخله عقب الخروج بل توسعت مساحة الحرية في أعماقه، وتحول السجن إلى تجربة ضاعفت إيمانه بحرية الشعر وانتصار القصيدة على القيد ليسجل حضوراً آخراً للقصيدة الشعرية التي تنتصر في سباقها إلى الحرية مع الخوف.
الصريمي ببساطة وجمال قصيدته هو انعكاس لشخصيته البسيطة وتواضع إنسانه على صعيد الحياة اليومية .. إن قصائد الصريمي هي سفر لا ينتهي إلى مواطن القوة والحب والجمال والحرية ومغادرة لمواطن القبح والزيف والقهر وجسر للحنين إلى لآتي.. والقصيدة إذ لم تفعل ذلك ستغدو بقعاً من الحبر الأسود على بياض الورقة.
الصريمي في هموم إيقاعية
الصورة انزياحات لغوية وفنية "قراءة أولى"
محمد الشيباني : تضيف تجربة الشاعر سلطان الصريمي الشيء الكثير لكتابة الشعر العامي في اليمن، والتجديدات التي اقترحتها تجاوزت حضور النص المكتوب خصيصاً ليغنى إلى تلك النصوص التي قدمها الشاعر كخلاصة وتجربة ورؤية وموقف -وإن وجدت طريقها إلى أجندة الملحنيين والفنانين- واعني هنا نص أبجدية البحر والثورة الذي أدته فرقة "الطريق" بعدن في ثمانينيات القرن الماضي.
وهذه التجربة باقتراحاتها الفنية تشكل إلى جانب تجربتي الراحل الكبير عبد الله سلام ناجي، والشاعر محمد عبد الباري الفتيح "الصوت الخاص" في كتابة الشعر العامي في اليمن.
ولمقاربة الجزء اليسير من تجربة الصريمي الشعرية سنحاول "قراءة" بناء الصورة الشجية في بعض من نصوص مجموعة هموم إيقاعية –صادرة بطبعتها الأولى بعدن عن طريق دار الهمداني عام 1985- وهي المجموعة التي تضمنت معظم النصوص المغناة للشاعر بأصوات فنانين يمنيين معرفين.
واختياري لموضوع بناء الصورة لاعتقادي الدائم بأن الصورة في نص الصريمي صورة تلقائية تتوالد من أحشاء النص ولا تقسر عليه ومثل هذا الاعتقاد سيتيح لى وبكل مرونة الكتابة بدون اثقال ومصدات كون الشاعر لم يكن هو الآخر مهموماً بالبحث عن سياقات لفظية "جزلة" مسبوقة بوعي قاصد.. وإنما اعتمدت على حيوية النص، وغوصه في روح الملفوظ لإنتاج مثل هذه الصورة والتي عادت ما تكون توليداً لحضور النص في لحظته .
في النص المعنون –عروق الورد- وهو النص الأول في المجموعة سنقرأ مثلاً :
وكم دمعك رقص داخل عيونك
وخالط طول رقصهن حنينك
أو
من يوم حبيتك وقلبي
يشرب الراحة قهد
ما نسى همسه عيونك
هاتان الصورتان بنيتا بانزياحات لفظية ومجازية اعتمدتا في ذات الوقت على تماسك البنية اللغوية للنص ولم تعتمد على اقسارات بنائية من خارجه.
فالصورة الأولى جزء من كتلة صوتية واحدة تتشكل على النحو الأتي:
حنين القلب يا سلمى تغنيه العيون
بصوت البن والكاذي وهزات الشجون
وكم دمعك رقص داخل عيونك
وخالط طول رقصهن حنينك
وتصوير الدمع في لحظة رقص ومخالطة في العيون جاء مكملاً لأشياء عديدة
أولاً :لحنين القلب الذي تفضحه العيون بالغناء
-العيون تغني بطريقتها-
ثانياً: للصوت الخاص الذي يقوله في آن واحد البن والكاذي ينتجان صوتهما الخاص ولم ينتجا رائحة هنا.
وثالثاً: لهزات الشجون
الرقص هنا نتاج لأغنية ما - المعادل الآخر-
الرقص تجل من تجليات الهز الباطني والرقص من هذا كله هو التعبير الحركي لإيقاع ينتجه الصوت.
أما الصورة الثانية في السياق هي مبتدأ لكتلةٍ صوتية جديدة تتركب على النحو التالي:
من يوم حبيتك وقلبي يشرب الراحة قهدَ
ما نسى همسة عيونك
حين دق الحب أبواب النفوس
ذاب شوقي في شجونك
كتلة مرتبطة بما قبلها وليس منفصلة عنها فالدق مثلاً محفز من محفزات الرقص أما العيون بهمسها فقد كانت قبل ذلك حاضنة للدمع في لحظة رقصها.
أما العودة إلى تركيب الصورة المعنية في السياق من يوم حبيتك وقلبي يشرب الراحة قهد ما نسي همسة عيونك
فيمكن القول أن الشائع هو ارتباط الحب بالقلب في التصوير الشعري العربي غير أن القلب حين يتحول إلى كائن بيلوجي من ضمن أفعاله أن يشرب ليروي عطشه غير أن ماهية المشروب هي التي ستجنح بالشائع والاعتيادي إلى مساحة أخرى للقول فالمشروب هو الراحة والراحة في السياق هي الطمأنينة والسكينة وليس في بعدها "تأنيث للراح" مثلاً والذي قد يتبدى للقارئ ليس على صلة بالملفوظ العامي خصوصاً أو نتيجة للعلاقة "الملتبسة" بين ملفوظ الشرب والراحة كمسمى من مسميات الخمر ماذا لو أن الراحة تشرب فقط من أجل القهد والذي هو بالعامية الأرق وطوله.. ويجيء القهد من أصل أن القلب لم ينس همس عيون المخاطبة التي احتضنت قبل ذلك رقص الدموع.
*في النص المعنون –باكر ذري-
هناك مقطع شعري واحد –كتلة واحد- معزولة عن بقية النص بفواصل ثلاثية –ثلاث نجمات- قبلية وبعدية
للحب عمري فرش
قطيفة من شبته
وفي طريقة نفش
زهور من سُهمته
هذا المقطع بحدوده وتعيناته النصية صورة شعرية منغلقة على ذاتها أو هكذا أراد لها الشاعر أن تحيا في ثنايا النص لأنها جاءت بعد لازمة واحدة تتكرر مرتين حضورها يبرز صوت وإيقاع أنتج للغناء أكثر من للقراءة
باكر ذري تأزري
أين اشترُح وماكري
وعودة إلى ذات المقطع سنرى أن اشتغالات الشاعر على بناء الصورة تتكرر في حضورها من الاشباع الرومانسي الباحث عن ابدالات الحياة فقط في مساحة الحب الوجداني –الغالب في الأمر أن التأثير الغنائي وايقاعاته العالية هو الذي وضع الشاعر في هذه المساحة.. بمعنى لا طرب عالٍ دون ذكر الحب ومع ذلك سنجد الصورة هنا تتخلق بتلقائية شديدة فالعمر كائن باستطاعته أن يفرش قطيفة ثمينة من أجل الحب وهذه القطيفة غُزلت ونسجت من وبر وشعر ونسيج الشباب في هذا العمر، ولهذا فالعمر هو بستانه الناظر الذي يزرع نهور كثيرة بمقدوره رشها في طريق الحب –الكائن القادر على ولادة العالم أو تدميره- صورة تكامل بين ثلاثة أشياء هي:
*الحب والذي لا يعبر سوى عن اتقاد الشباب، والحياة بانعكاسها على الطبيعة والتي من إحدى تجلياتها تنتج الزهر رمز الخصب والتجدد.
مثل هذا التكامل أو التلازم الصوري سنجده في النص التالي من المجموعة والمعنون "الإبحار في النفس" والذي يبدأ على نحو:
يا نفس أبحرتي في بحر المحبة كثير
وفي طريقك شربتي كأس حبي المُرير
فرشتي للحب من بز الأماني حرير
تبادل النفس موقعها بالقلب –حسب الثقافة الشعبية القلب والنفس تهدفان إلى معنى واحد خصوصاً إذا وردا في سياق طربي القلب شرب قبلاً الراحة أرق طويل
"من يوم حبيتك وقلبي يشرب الراحة قهد
أما النفس في طريقها شربت الراحة قهد وأيضاً فرشت للحب من بز الأماني تماماً مثلما فعل العمر حين فرش للحب قطيفة شبابه
النفس تساوي العمر خصوصاً إذا ما اعتبرنا النفس هي الروح والتي تعبر عن سيرورتها بعمر صاحبها في الحياة
*في النص المعنون عهد يقول المقطع الثاني منه
شوقت لكل شوق الظمأ لماءك
عين المحبة تنتظر لقاءك
والقلب فارش مهجته دجاهك
والعقل سابح غاب في سماءك
ستكرر الكثير من الألفاظ التي تنتج ثيمات متعددة استفاد منها الشاعر في إنتاج مقتربات لصورة واحدة متعددة.
السطر الأول يشير تلقائياً إلى علاقة التلازم الأزلية بين الظمأ والماء... والظمأ في حضوره غير البيلوجي لدى الإنسان يتحول إلى قوالب لمجازات متعددة يحث عليها الشرب الذي يروي عطش مجازي أيضاً وفي طريقك شربتي كأس حبي المرير –كما ورد آنفاً_ عن القلب والنفس.
أو من يوم حبيتك وقلبي يشرب الراحة قهد...ورد سابقاً.
والقلب فارش مهجته دجاهك... سبق وأن فرش العمر للحب قطيفة من شبابه، وللنفس سبق وأن فرشت للحب هي الأخرى من بز الأماني حرير.
د/ سلطان الصريمي.. مواهب متعددة
عبد الباري طاهر : كثيرون هم أولئك الذي يعرفون سلطان الصريمي شاعراً وشاعراً كبيراً والقليلون هم الذين يعرفون أن هذا الشاعر الكبير متعدد القدرات والمواهب حد الإدهاش فهو إداري كفؤ ومحاسب حقيقي ومثقف وذا تجربة صحفية لم يتح لها فرصة الإستمرارية والإعلان كما أنه مناضل ثوري يساري وقائد حزبي عتيد.. وهو فوق ذلك باحث مهم، وأستاذ أكاديمي مرموق.
ما يميز هذا المبدع الكبير حسن الإنساني الرفيع، ومقدرته الفائقة على التقاط اللحظة، بحس وشفافية، وعمق التجربة الإنسانية لإستقرأ اللحظة العابرة فحسب وإنما يستقرئ منها وفيها اتجاه الآتي.
كتب لي مرافقته منذ المراحل الباكرة في تجربته الشعرية والكفاحية منذ منتصف الستينيات فقد عملنا معاً في فرع التجارة والخارجية بتعز ونشأت بيننا أواصر قربى معرفية وأدبية وسياسية يسارية.
في الحديدة تولى هو والعزيز عبد الله مقبل شمسان إصدار منشور شبه دوري لمشروع مجلة بأسم الطريق وكنا ثلاثتنا من يحررها من الغلاف إلى الغلاف، وربما كان لإصدار الزميل الدكتور /محمد عبد الجبار لمجلة الحكمة تأثيراً كبيراً على توجهنا نحوها، فقد كانت الكلمة والحكمة والثقافة الجديدة واليمن الجديد بداية تحول نوعي ومهم في التأسيس لمرحلة السبعينات فمن خلال هذه المجلات ظهرت مواهب في الشعر قصة والرواية والنقد والبحث كان لها شان أي شان في الحياة الفكرية والأدبية.
وربما يندهش الكثيرون عندما يقرؤون في هذه المجلات شعراً وشاعراً مكتملاً كسلطان الصريمي إذا لم يكونوا معايشين تجربته ذات العمق الإنساني.
أتذكر كاليوم عندما نشر أولى قصائده في الكلمة التي سرعان ما تتحول إلى أغان يهزج بها القراء قبل أن تغنى فلأغانيه الشعبية عمق إنسانياً وغنائياً زاخراً بالعذوبة والصدق والفنية الرفيعة.
قبل أن يتلقفها فنانون كبار أمثال: محمد مرشد ناجي، أيوب طارش، جابر علي أحمد، عبد الباسط العبسي، محمد صالح شوقي، وفرقة الطريق العراقية وغيرهم.. كانت كلمات الصريمي تولد مكتملة كأغنية، ذلكم أنه ينتزع مفرداتها وصورها وأخيلتها وتراكيبها من وجدان الناس وضمائرهم الحية والزاكية
يا ليت أحبابي قريب
شاقولهم
عشقي لهم
عشق المشوق للطلوع
مش للنزول
نشوان وأحزان الراعية
سلطان بسيط كزهو الفقراء شامخ كابتسامة الأطفال.. وصادق كوعد النبؤة الثورية
الأولى
ما ناش ذليل
وعمر الخوف ما حصَّل إلى قلبي طريق
نشوان وأحزان الشمس
يهندس أغانيه من مهد الفاعلين، وفرح القادمين من الفجر، وأشواق الفقراء وومضات قلوب
الناس
كيف أفرقك
وأنا الذي عشقك ذري
كحيف سبول
وعشت نفسي قطع بين الثلاث
وكل قطعة لها في القلب أكثر من طريق
وكم تهديت لك من جمر أحشائي وساوس تستضي
وأعطيت لك من سورة الآتي مباسم
هذا المنحاز للضمير للحق للفقراء للآتي الأجمل أنتمنى باكراً للانتماء القومي اليساري: و طلاب العدالة والفجر، إلتحق بالحرس الوطني، وتخرج من مدرسة الحياة وراح يبني فكره ومعارفه وثقافته كان يعمل نهاراً ويعول أسرته الفقيرة ويتعلم بشغف ودأب ومثابرة، وليس الإبداع الدأب والمثابرة كما يقول الجاحظ، والذين عرفوا سلطان يدركون كيف نما وزكى وأثمر وكان الحب والصدق والصبر سلاحه في مواجهة الحنشان وطاهش الحوبان
نشوان سامح من جنن وحشر
ومن ردع عرض الجدار وفسر
أو الذي من عومته تكسر
من نشوان وأحزان الشمس
ولعل من أهم سمات هذا الرائع حد العفاف والزهد ربط بين الحياة العملية الواقعية والالتزام الثوري، فهو مثال للثوري.. الذي يجسد التزامه بالعمل والنضال فهو كما يقول غرامشي مثقف عضوي التحق باكراً بصفوف حزب البعث العربي الاشتراكي شاقاً دربه إلى "الوحدة الشعبية" فالحزب الاشتراكي الذي كان من مؤسسه وقادته، ومنذ البناة الأولى لبناء صرح اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.. فقد كان من مؤسسين مؤتمره العام الأول، وظل في قيادته وصولاً إلى الأمين العام ورئيس تحرير مجلة الحكمة.
ابن الصريمي من قلائل صنعوا التحول في حزب الطليعة الشعبية الذي أصبح ثالث أهم فصيل في بناء الحزب الاشتراكي أحد أهم صناع الوحدة، وقد تعرض سلطات للاعتقال والمطاردات والاختفاء والتشرد ولكنه ظل في "رحلة العذاب والقمع شامخاً وواثقاً من يوم النصر:
زادت غربتي زادت
وزاد الشوق للغائب
وفي الغيبة تحملت
على ظهري صخور
وشوك الغزو
تبحث بين أجفاني على الطاعة
وظهري ماشكى
ولا جفني غفى
تحت الوجع
من ديوانه أبجدية البحر والثورة
عايشته وصادقته ورافقته قرابة الأربعين عاماً، بل تزيد قليلاً لم أراه برما أو يائساً أو منكسراً، فسلطان أنموذج رائع من الرجال المبدعين المناضلين،
الأوفياء أفنى زهرة شبابه في الارتباط بالهم العام، وفي كل مراحل القمع والكبت والإرهاب كان صوته المدوي يزمجر دفاعاً عن القضية والكادحين:
الثانية
ما ناش ذليل
لكن ركنت
ومن يركن على غيره أكل عاسه خسيم
لو كنت أدري ما ركنت
نشوان وأحزان الشمس صـ43
لا يعرف اليأس ولا تجد الهزيمة إلى نفسه سبيلاً ، فهو يدرك "أن تشاؤم العقل لا يهزمه إلا تفاؤل الإرادة" كما يقول غراشي.
فهو المتفائل، ولكن تفاؤله ليس فرحاً زائفاً وإنما قراءة عميقة وواقعية تنبع من قراءة ضمائر الوقائع والحياة والناس أصحاب القضية.
وبعد ما ضاع من يدي السراج
قاتلت والدنيا غدر
ما هل حجر ولا شجر
إلا ودمي تحتها يهدر هدير
نشوان وأحزان الشمس صـ43
والصريمي خبير بأسرار الإبداع خبرته بالناس والحياة فهو ماهر في اختيار الكلمات وتحديد مواقعها في النظم فهو يبدع الأغنية ويبدع معها لحنها الضارب في أعماق الإنسان العامل والفلاح والراعي والمسافر.
حملتك حب
بين الدور
تحت النخل
داخل كل حبة قطن فوق المستحيل
وفي كل المخالف
وخبيتك بعيني –في فؤادي- داخل القلب
المعذب
نشوان وأحزان الشمس صـ61
في عضويته لمجلس النواب، أو في المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني الذي كان واحداً من بناة صرحه أو قيادته لاتحاد الأدباء لأعوام متطاولة ظل سلطان أبن الفلاحين البسطاء الوفي لمنبته الاجتماعي وولائه للحرية الإنسان والقضية.
سلطان الصريمي من أهم مبدعي ومهندسي الوجدان الشعبي العام فهو يغوص بمهارة في أعماق الناس البسطاء ويستخرج كنوز من المشاعر والإرث العظيم ويصوغها بصورة لا أجمل ولا أزهى ولا أروع.
هذا المغني العظيم غنى ملاحم أبجدية البحر والثورة، وغنى أحزان الشمس، ورددت معه السهول والجبال والوهاد والبحار أهازيج الانتصار والانكسار الأفراح والأتراح، وقد لعبت بعض أناشيده الثائرة دوراً لا يقل أهمية وخطورة عن دور الكتائب وجيوش المقاتلين، "نشوان على سبيل المثال".
وقد احتفى الشاعر الكبير أيما احتفاء بمسار الحركة الوطنية والثورة سبتمبر وأكتوبر، وحمل حدبتها أو صخرتها أو صليبها سيان.
المهم أن ابن الصريمي قد غنى الانتصارات وبكى ورثى الهزائم والانكسارات وكان صادقاً وأمينا في الحالتين، كما كان وظل وفياً مع الأحرار ومع رفاقه الذين اغتالتهم يدر الغدر، ومن يقرأ دواوينه يجد الكثير العميق لرحيل هؤلاء الرفاق.
ملمح السيرة في «أبجدية البحر والثورة» للشاعر سلطان الصريمي
محمد عبدالوكيل جازم : كثيرون تتلمذوا على يد الدكتور/ سلطان الصريمي شعرياً وأنا واحد من أولئك الذين لم يتتلمذوا فقط وإنما واحد من الذين حاولوا تقمص هذه الشخصية حيث أنني ماكدت أفتح عيني على الأدب والفن والغناء حتى تراكمت أمام أبوابي أشعار الشاعر الكبير سلطان الصريمي، الذي تميزت تجربته الشعرية وموهبته الإبداعية بقدرتها على تمثل هموم الناس، وتجسيدها بلغة شعبية رقيقة نفذت عبر مسام الجلد إلى الدماء.
أتذكر الآن طابوراً من الأغاني التي نقلتها حنجرة الفنان عبدالباسط عبسي، فانتشرت في الهواء، وحطت أمام النوافذ والأبواب، والفضاءات، ويعد الشاعر سلطان الصريمي أحد الرواد الحقيقيين للشعر الشعبي في بلادنا.
وذلك اصطفافاً مع الشاعر الكبير محمد الفتيح وعبدالله سلام ناجي، وذلك لأنهم أسسوا لمدرسة شعرية جديدة لم تكن مرسومة على ظهر الواقع، وهم في ذلك يشبهون الثلاثة الشعراء المصريين الكبار «صلاح جاهين» وأحمد فؤاد نجم والأبنودي» وإن مايميز أشعار سلطان الصريمي قدرتها على اختراق الآفاق والوصول إلى هدفها، إنه كالمجذوب الذي يجيد إحضار الناس إلى حلبته، ليس ذلك فحسب وإنما يغويهم بتفننه على التقاط اللحظة، حيث يظل المحتلقون مأسورين بلذة يدركون جمالها ووقعها التطهيري، وهو في كل أشعاره ومواقفه يحمل قضية واحدة.. قضية تحرير الإنسان والاعلاء من شأنه وشأن وطنه ويتجسد ذلك في هذا المقطع:
من يخدعك يامحصنة جزع له/ أنت لأهلك والكريه لأهله
صدقك خلود/ وكذبهم فقاقيع/ حصنك منيع وحصنهم
مرابيع/ الرعد يأتي والبشارة معه
وقوس قزح
تنقششه الحبيبة..»ص53
رأيت في ديوان أبجدية البحر والثورة سيرة حقيقية لشخص يصير أحياناً شعباً، والشعب يصبح أحياناً فرداً.
قد يتبادر إلى الذهن أن السيرة الشعرية عندما ترتبط بضمير المتكلم تكون حديثاً عن ذات بعينها، والواقع غير ذلك، فالذات المتحاورة ماهي إلا تجسيد للحظة تشرئب إليها ملايين الأعناق ولعلنا سنجد ذلك في القصيدة التي عبر عنها الشاعر عن الوحدة اليمنية حين قال:
ياسيل صوتك ينعش
هاجسي
وعرف صنعاء مع صوتك يفوح
لونك بذهني سبط ماينتسي
معك حيثما تشتي يروح
تختلط بك دموع القرى والشجر
الحصى والجبل. والتراب.. التراب، الذي بين حبات
مائك جميل/ عسير تتكحلك
والمكلا تخضب يديها بمائك فرح
ترتعش للوصال العظيم.ص79
في لحظة أخرى يلتصق الحديث بضمير المتكلم، فيظن المتلقي أن ذلك الفيض ماهو إلا حديث عن النفس، ولكن وقع الكلام يقول غير ذلك، فالتأثير الذي تتركه القصيدة يمتد إلى كل قارئ وهذا ماسنجده في قصيدة تبدأ بحرف «الطاء».
طبعي إذا فارقت أحبابي أضيق/ ون فارقوني يطير عقلي ضجر/ واليوم قلبي تغير ماعاد يميز لقاء/ ولايميز فراق/ لاسامحه من غيرك ياطبع لاسامحه/ ماناش منقص حبايب/ معي حبايب كثير وكل واحد يشاله من فؤادي نصيب/ لكن حبيبي الكبير/ ماخلى لأحد نصيب ولاترك من مساحة قليبه ذراع.
من حق ديوان أبجدية البحر والثورة أن بدونه في جداريات عملاقة، فهو مشحون، بالأصالة الفكرية، والخيالية، ومشحون بالحكمة، ومثل ذلك هذه القصيدة، التي يكثف مطلعها، أو على الأصح يأتي على شكل حكمه:
«عيب نستكثره معنا زيادة..» ثم يواصل
شنمشي.. شنمشي على القلب شعله
وفي العين نور واللي مايعجبوش
المراقص نفس..ص32
ليست السيرة في الديوان للفرد وانما هي سيرة جماعة.. جماعة محددة شملها الإهداء في قوله «اليهم.. وهم محرومون، من أقل مايمكن أن يقدمه الأب لأبنائه: العاطفة، الأمان، والمعنى الحقيقي للثورة»ص3
في مقطع آخر يدخل الشاعر إلى منطقة مدهشة في الوعي العاطفي، وينسل إلى منطقة ما..
هذه المنطقة يسكنها رجل وامرأة.. الرجل مناضل، والمرأة تعبت من نضاله، غير المجدي لحظتها.. إنها لحظة غير ثابتة، بمعنى حالة انفعالية يقول فيها:
مش كذا طبع من حبهم قد نقش بالحجر/ تستقبليني بعين العتاب/ تمني عليّ اشتراكك معي في العذاب/ أنا أدري بأنك تمشيت في داخلي تمشية..
لعبت بأعصاب نفسي لعب/ تمنيت لو داخلي يكتسر اشتنفش جناحك فرح/ وكنت السلا وكنت الزعل حتى وصلت إلى القلب/ مثل الحمامة أموت تموتي أعيش تعيشي/ السواد الذي في الوجن اصفرار العيون ضمور الخدود والعروق التي بينت في السواعد بفضلي/ لأنك تعيشين رعبي وخوفي/ وتدري بأني مكارد/ عيون المناسيخ بعدي بكل السكك..»ص60
گلمات = قصائد .. تهويمة في سماء الإبداع الصريمي
ياسين الزكري: ذات حوار قديم أداره الاستاذ عبد الاله القدسي مع الكبير أدباً ومعرفة عبد الله البردوني في عدد قديم من مجلة الكلمة طرح القدسي سؤالاً في العمق وأجاب البردوني بطريقة مدهشة ، كان السؤال يبحث عن تعريف للفن، وهو ما نفتقده كثيراً حتى اللحظة، وكانت الاجابة :
الفن ما حرك في النفس فنيتها ... هذا يعني أن الفنية في كل الناس
وإذا كان الفنان هو من يمتلك القدرة لتفعيل هذه الفنية ، أفترض وعلى أساس من ذلك أن النقد يفترض به الاتجاه كذلك الى تقييم هذه المقدرة لدى الفنان من خلال العمل الابداعي المنقود.
.فحين يهدف الفن الى التأثير علينا تقييم مدى تحقق هذا التأثير
الفن ماحرك في النفس فنيتها ، كلام قليل، ودلالة ليس من اليسير تحقيقها وهي معادلة ربما تقدم والى حد كبير رؤية جديدة أو مؤشراً لقياس مسألة عالية الحساسية في اتجاه التفوق الابداعي ،إذ قد تكون مبدعاً ولك رصيد إبداعي مشهود لكن السؤال الى أي مدى أمكنك تحريك فنية الآخر!
يهدف الفن إذاً الى إحداث التأثير لدى الآخر وحتى يتجه العمل الفني نحو تحقيق ذلك فإن أمامه الكثير من التحدي.
والحديث عن شاعر قامة،أديب باتساع الأدب أفقاً ، والمراس المستمر خبرة بقامة سلطان الصر يمي الشاعر الإنسان، هو بالضبط حديث عن واحد من أبطال هذا الاقتحام الأسطوري لذاتنا الفنية بشفاف جميل وكلمة سلسة..حديث عن واحد من العمالقة الندرة ،أولئك الذين وجدوا ليصنعوا أدباً وثقافة .
ولأني لا أميل الى حديث لا تدلله الوقائع فإني أضع أمام السامع والقارئ الأعزاء ومن خلال هذه السطورالتي تستمد شرعية استحقاقها لا من ندية ولا من مجايلة، لكن من زمن رضع فيه الكاتب وجيله أغاني الصريمي قيماً،انتماء وشجون حلم أقدم هنا: نكهة يسيرة من كثير متين
وهو قليل أركز أكثره حول قصيدة واحدة (ورود خَضَبَان) أو بالأصح بعض منها معززاً بشذرات من قصائد أخرى .. كإشارات عابرة على محاور لمّا تتم قراءتها حتى اليوم رغم ما تفتحه من آفاق أدبية ،فنية وابداعية بامتداد الأفق جمالاً ،روعة ومعرفة.
للوردة في الأعمال الإبداعية والشعر تحديداً مساحة الحوار الأوسع ..للوردة صفات لا حصر لها تسقطها انفعالات الشعراء تباعاً .. الورد جميل، جميل الورد... وغير ذلك فماذا عن ورود الصريمي ياترى..
في قصيدته (ورود خضبان)يقدم لنا الشاعر ملامح مشهد من هذا النوع وغير دهشة صادمة، في هذه القصيدة كحاله في كثير غيرها يقدم الشاعر تحدياً أكيداً عنوانه قصيدة في كلمة.. يقول الشاعر..
ياخضبان وردك
جماله..
وأقف هنا لأتساءل حول أجمل وصف يمكن قوله هنا، هل سيقول مثلاً أنه جميل.. لافت..حبيب..مدهش..حزين أو...أو...
لنعد للبيت الآن..
ياخضبان وردك
جماله ثاني
تتساءل .. جميل ..لا لا أكثر من ذلك.. منعش..حبيب..مدهش.. لا أكثر بكثير .
بهذه المفردة العادية جداً أمكن للشاعر أن يصنع دلالة جديدة بل لغة أخرى .. هي قصيدة لكن ليست في بيت ،ليست في جملة شعرية ،بل في كلمة.. للوردة إذاًجمال آخر ،ولمَّا يكتشفه بعد أحد، لكن أحداً ما يتحسَّر كثيراً على حال الوردة، تلك الباذلة كل جمال ،وهي تمنح كثير صفات لكنها غير مشبعة ،ذلك هو الشاعر الصريمي.. انسان الشفافية اللافتة التي هي ديدن الرؤية الشعرية لديه كما نجدها في كثير من أعماله، ما يعني أننا لسنا هنا في صدد الحديث عن مجرد صدفة، بل على ضفة نهر،الكثير من ذلك وهنا التحدي المعجزة مانجده غير مرة في القصيدة ذاتها..
كقول الشاعر ..
جزع محنَّى لابس المخيَّر
مكحَّل العينين هَلي مٌشقَّر
لنتأمل الآن في( لابس المخيَّر) ،أيٌ وصف جمالي يمكن إيراده هنا بدلاً عن كلمة (المخيَّر) ليعطي هذا المد الدلالي ،ربما كانت كلمة واحدة فقط يمكنها فعل ذلك ،هي بالتأكيد كلمة(المخير أيضاً) فأي وصف يمكن به وصف ما يفوق الوصف غير ما يحيط إجمالا بكل جوانب الوصف!
في القصيدة أيضاً ..
مليح حالي قامته ٌتجنِّن
ونظرته بين الضلوع تحجن
شوقي يغني له وهو يلحن
فتن فؤادي بالهوى محيِّن
في الذاكرة وصف القوام بالغصن ..الصفصاف والكثيرمما شابه، لكن وصف : (قامته تجنِّن) هنا تجاوز وعي الحدود وإمكانية المعتاد والمتوقع .. هذا هو الاقتحام الذي أتحدث عنه هنا.
مليح .. حالي .. قامته تجنن.. الملاحة هنا (من مليح) صفة تنصرف للجمال في المرأة والمليحة عالية الجمال أي (حلى) بالصنعائية،لكن المعروف أن هناك امرأة جميلة لكنها مع ذلك قد لا تملك صفة الجاذبية أو ما يوصف بـ (الأنوثة) وحين يردف الشاعر كلمة (حالي) بالدلالة التعزية(من تعز المحافظة) ،أي بمعنى عالية الجاذبية بخلاف استخدامها الصنعائي بمعنى (حلو) والمستخدمة غالباً لتوصيف السلعة كالملابس مثلاً ، لكن هل ذلك كل شيئ مع التنويه الى ندرة اجتماع الصفتين في ذات المرأة الواحدة..نجد الشاعر يعاجلنا بالقول .. قامته تجنن.. تجنن هذه اللفظة المتداولة لدى الانسان العادي كالقول للطفل .. هذي البدلة تجنن عليك، أو امرأة لأخرى .. الفستان يجنن عليك.. يكشف الشاعر أن هذه اللفظة التلقائية هي الأبلغ والأجمل والأكثر تأثيراً في الآخر ذلك ببساطة لأننا لانجد في مشهد كهذا لفظة تمنح الصورة جمالاً خرافياً بهذا القدر إذ أن جميع التعبيرات الأخرى عاقلة الدلالة بشكل ماو بالتالي غير صادمة ولذلك فهي أقل إمكانية في صناعة الدهشة.
في المقطع أيضاً دهشة بقدر ما يدهشك ألاَّتجد في كلمة دهشة مايفي بالغرض الذي تريد .. تلك هي شجون ما تنثر عبارة (فتن فؤادي بالهوى محيِّن) ومحين كلمة متداولة لدى العامة بمعنى (بدري) أو مبكر، لكن أين مصدر الدهشة..! لنتساءل معاً إذاً: هل أن الفاتنة كانت في سن مبكرة وتملك كل هذا الجمال وهذا المستوى من الجاذبية اللافتين.. أم كان المفتون هو المبكر في الانصراف للحظة العاشقة تحت تأثير ذلك الجمال الفاتن ، ثمة توازن لافت ينصف كلا الطرفين بذات القدر ترى هل لعبت قضية المساواة المسيطرة على فكر الشاعر دورها على اللحظة الشاعرة.. مجرد سؤال بريء..
السؤال الآن: من هو خضبان هذا البطل الملحمي العظيم!، ولا أقول ما هو بعد أن منحه الشاعر هذا القدر الجليل من الحيوية والحياة..
وللتوضيح فإن خضبان هو: (نبع ماء) يقع في منطقة تتبع مديرية الشمايتين - 70كم جنوب غرب مدينة تعز ولأن مصادر المياه كانت - وللحقيقة ولاتزال- شحيحة في قرى هذه المديرية تعمد الفتيات والنساء في موسم الأمطار الى الاستفادة من مناطق تجمع المياه بفعل الأمطار والسيول، لكن ميزة خضبان أنه يظل نبعاً جارياً فترة في الشتاء، محققاً بذلك استمرارية نسبية في خضرة محيطه وتنوع أعشابه المزهرة الى جانب متوردات الخدود بفعل أشعة الشمس ومجهود نقل الماء من النبع الى المنازل ،ولو أن أحد تذوق عذوبة ماء هذا النبع أوتساءل لمَ يزدد الزحام حول هذا النبع مقارنة بغيره في المحيط لعرف كم أن الشاعر أنصفه بقوله (وطعم ريقك يسلب ..) ولأنه ليس مطلوباً السفر لأجل ذلك منح الشاعر النهر دلالة أجمل وأشمل بقوله..
(وطعم ريقك يسلب الغواني ..) كما نجد في المقطع..
ياخضبان وردك
جماله ثاني
وطعم ريقك
يسلب الغواني
وفي عيونك
ترقص الأماني
كذلك فإن إكساب ماء هذا النبع صفة الريق تتناسب حتى خارج الاستخدام الجمالي مع شحة المياه المتسربة من عيون هذا النبع ،هو نبع صغير لكن الصريمي حوله أسطورة ،وهو أسطورة حقاً كونه يتواجد في بلاد الجفاف وفي موسم توقف الأمطار تحديداً مقدماً أجل خدمة ألا وهي شربة الماء أفلا يستحق هذا النبع أن يخلَّد وهو يقدم ما عجزت عن تقديمه حكومات ودول.. ؟ولأنه يستحق ،ولأنه من يسلب ليس فقط قلوب أو أنظار الغواني ،بل الغواني أنفسهن بكل جزئيات: القلب والهوى والنظر والروح..وو...لأنه كل هذا الخير يجعله الشاعر وسيطاً بين حبيبين..
ياخضبان قلٌّه
دلا بقلبي
بداخله فلي
وزهر حبي
وعطر أيامي
وحرق غلبي
شرجم بنفسي البحر
لوغدربي
انظر جمالية اللحظة في ( ياخضبان قله) ثم في ثنائية (وعطر أيامي ،وحرق غلبي) ترى هل يغرينا الصريمي هنا أن نحرق بغلائب الحب قلوبنا كي نستنكه بخور احتراقات قلب محب وإلا ما الذي يوده من خلال تقديم عطر الأيام على حٌرق الغٌلب وأكرر الغلب وليس القهر ..هو قهر بل وفوق القهر لكن الشاعر يسميه غلباً لأنه من حبيب والسر هنا كما أرى أو أقارب أن الغلب يشبَع أو يشفَى بخلاف القهر،وكثيراً مانسمع (أشبعت غلبي ) وهي عبارة تنصرف دلالتها الى: تمكنت من قول عتابي للحبيب.. أو عاتبت خلي فاشتفيت.. ذلك هو ثأر المحب .. العتاب، ولذلك جاء تعبير (شرجم بنفسي البحر) للفت انتباه الحبيب ومن ثم تهيئة جو للعتاب.
والبحر هنا ليس هوالبحر، فنحن نتحدث عن منطقة صخرية عاطشة وليس سهلاً ساحلياً،كما أن البحر البعيد لا تجدي فيه (الهنجمة) نفعاً فهو مكان لن يرى فيه الحبيب حبيبه يلقي بنفسه فيه عتاباً وعقاباً ،فهل تناقض الشاعرهنا، بالتأكيد حاشاه، فالبحر هنا هو(هيجة) أومنحدر صخري حاد الانحداريقع مباشرة جوار النبع المعني و يدعى(هيجة البحر)،كونها تقع وجهة بحر عدن..
في السياق ذاته ، ومن خلال قصائد أخرى للشاعر كما في قصيدة (أذكرك) على سبيل المثال نجد..
أذكرك والسحائب
يغمزين للشعير
والبلابل تغني
لحن ماطر غزير
والقليب ياحبيبي
من فرحنا شطير
انظر الى الجملة الشعرية الأخيرة وفيهاكذلك، والكلمة الأخيرة تحديداً في (من فرحنا شطير)..
وهنا أود ذكر ملاحظة أحسبها ضرورية لفهم الصورة فيما يخص (أذكرك والسحائب يغمزين للشعير) ..عادة يزرع الشعير وما يوصف كذلك بـ( الحيق) أوعلف المواشي في الفترة بين نهاية موسم سابق ومطلع موسم قادم أي الفترة من تشرين الثاني (نوفمبر) وحتى شباط (فبراير) والحديث حول( ماطر غزير) يعني أن الشعير في مرحلة إزهاره وقرب حصاده مع بداية الموسم الزراعي الجديد وهو ما يوحي ربما وبشكل ما بزمن كتابة القصيدة أو زمن قصتها.
لقد دخل الشعراء العرب نفسيات الخيل والأسد وغيره كما نجد في قول عنترة عن خيله (الأدهم)
فازورَّ من وقع القنا بلبانه
وشكى اليَّ بعبرة وتحمحم
لو كان يدري ما المحاورة اشتكى
ولكان لوعلم الكلام مكلمي
أو قول بشر لليث الصريع ..
فلا تحزن فقد لاقيت حراً
يحاذر أن يعاب فمتَّ حرَّا
ودخل الصريمي حتى تمام الشفاف .. نفسية الوردة .. نفسية النبع، إن جاز لي استخدام كلمة نفسية بتعبير مجازي هنا رغم ثبات امتلاك النبات خاصة الانفعال وإشارات الإحساس أو الحسي تألماً وفرحاً..
في الغنائيتين الرائعتين أعلاه مالم أتمكن أو أسطِع بحكم العجالة وضيق المساحة الزمنية المحددة بلوغه يمكن التوصل اليه من خلال سماعه بصوت الكبير جداً حساً ،شجناً وانفعالاً غنائيا الفنان عبد الباسط عبسي الذي كون والشاعر الصريمي مايمكن وصفه بـ(ثنائي الأرض - الحب- الانسان)..
شذرات من سماء الصريمي
التوقع/التنبؤ
أتحدث هنا عن خاصة التوقع أو الرؤى المستقبلية للشاعر الصريمي من خلال قصائده الشعرية ،وتحت وطأة رقيب الوقت أيضاً أورد في هذا الجانب مقطعاً من قصيدة (أمي والطاعون) والتي مطلعها:
جمعة ورى جمعة وعيد ورى عيد
ياقريتي كم أكره المواعيد
يقول الشاعر في قصيدته التي تعود الى مطلع السبعينات كما أتوقع..
ياقريتي عاد الكثير باكر
وعاد من خلف الجبال مناكر
تبكي الجلوس وتفجع المسافر
وتذبح الأشجان والحناجر
وهنا أطلب من السامع والقارئ فقط أن يتذكر كل منهم حال الفترة منذ السبعينيات وحتى الوحدة من حيث حرية التعبير بل ونظرة من حولك الى ما له علاقة بقصة حب هنا أو هناك ولا أضيف...
الوطن لدى ثنائي الصر يمي عبد الباسط
لن أتحدث هنا عن تفاصيل رحلة الثنائي فمالا أحيط به أكثر مما أعلمه..أورد فقط مشهداً عاشه الفنان عبد الباسط عبسي ذات حوار اعلامي حين سؤل لماذا لاتؤدي الاغنية الوطنية، رد العبسي أتقصد بالأغنية الوطنية أغنية (المارش).
ببساطة لا تحتاج التدليل أجدني أستطيع القول أن الوطن (أرضاً،أفقاً،وتاريخاً) هو محور ما التقى عليه الشاعر الصر يمي والفنان عبد الباسط عبسي،تماماً كما ظل الانسان ولا يزال محور كل هذا العمل المشترك بين طرفي هذا الثنائي الجميل و من خلال انعكاس جملة التداعيات والانفعالات على الانسان اليمني خاصة وإنسانية الانسان عامة..
فكم تغنيا بالارض وغنيا لها وغنياها..
فالأرض في جفافها مهانة الانسان..
مغنية غني وشلي بالدان
ما تنفع الطاعة ولا التمسكان
وسلمي على نقم وشمسان
سلام دامي من بتول مهتان
ولا تعليق أبلغ مما توصله الأبيات بسلاسة متناهية الى أفياء الروح وزوايا الذاكرة،حين نتذكر أن نقم وشمسان ضمن المنطلقات الأساس للثورة اليمنية( سبتمر-أكتوبر(.
الأرض في إحيائها عزة الانسان
نجد كذلك في أغنية( باكر ذري) والتي تقدم سيمفونية بمشاهد عديدة بينها فرح البتول والذارية ،نشوة الانسان،جمال الأرض، و سوء تقدير الضريبة من موظف الواجبات الذي يسعى دوماً لإفساد فرحة الحصاد داعياً- الشاعر- الجميع إلى المحبة، إلى التغني، إلى الفرح ذلك الشيء النادر ندرة البطن الشابعة في بلاد..(واق الواق).. ولشيوع هذا التداخل العجيب بين الفرح والحزن، الأمل والألم هنا ،ابتكر الشاعر شارة عجيبة وعالية الدقة في التوصيف والإيحاء.. تلك الشارة هي (الكاذي) فقبوة الكاذي(زهرته) زينة للعروس والعريس ،أما عطر الكاذي فهو ما يرش على جثمان التعيسة والتعيس..
إشعال الانفعال والانفعال المضاد في ذات اللحظة
وهي ميزة قلما يتقنها فنان رغم أن للفن كما سبقت الإشارة غاية تحريك فنية الآخر أو المتلقي كما جرت العادة في الوصف.. وللصريمي ملكة ماهرة في استدعاء وإشعال انفعالاتنا المتعددة بل وحتى المتناقضة في آن معاً أو بدقة أكثر في تناوب لحظي يقطع فيها الأول في الخفوت ذات المسافة التي يقطعها التالي في الظهور..
من ذلك ما نجد على سبيل المثال لا الحصر في قوله في قصيدة أمي والطاعون..
ياقريتي
صيحي بصوت عالي
قيمي الرقود
بالسفل والعوالي
وخبريهم موجرى بحالي
ثوري هلك
وضيعوا نبالي
وأمي تموت دلا ..دلا...قبالي
ثنائية المرأة /الأرض أو الحبيبة/ الوطن
أن تقرأ للصر يمي بيتاً عن الحبيبة يعني أن تجد للأرض /الوطن/اليمن حضوراً موازياً..
حتى حين يتحدث عن علاقة ما يربط المرأة بالوردة فإن هاجس عشق الأرض لايغيب..
ففي قصيدة (عروق الورد) مثلاً نجد..
عروق الورد مستني رعودك
حنينك يامسقي الزرع بيدك
غصون البان تتمنى خدودك
برودك من حمى الدنيا برودك
ثمة وطن كبير لايفارق الصر يمي حتى وهو ينظر إلى مليحة تسقي الشٌّقر(نبات عطري يوضع على الهامة بين ثنايا العمامة لدى الرجل أو المقرمة - غطاء رأس المرأة - للتزين) في حوية صغيرة (حديقة مصغرة)بجوار البيت وهو أمر شائع في الأرياف .. لاعناء في أن تجد نفسك تقرأ السماء في علاقتها بالأرض أو المرأة في علاقتها بالوردة والمشاقر..
تجد أيضاً..
حنين القلب ياسلمى تغنيه العيون
بصوت البن والكاذي وهزات الشجون
وكم قلبك رقص داخل عيونك
وخالط طول رقصتهن حنينك
وإذا كانت كلمات مثل (سلمى، البن) تمثل إشارة صريحة إلى الأرض / اليمن التي تمثل خلفية الصورة، فإن المشهد الأمامي يمنحنا مفتاح السر في قراءة المشهد داخل قلب امرأة...مرة أخرى لا انفصام..
نعلم الآن متانة ارتباط الحبيبة بالأرض في شعر الصريمي، وهو ديدن مغناه وقصائده الأخرى، لكن ثمة سؤال شجون عن الحب في شاعرية الصريمي .. كيف يحتفي به ..
للحب عمري فرش
قطيفة من شِبَّته
وفي طريقه نفش
زهور من سهمته
ياالله .. الشبَّة (الشباب) عمر العنفوان، العطاء سجادة يفرشها الصريمي لا بل أعز ما عنده عمره ليجلس عليها الحب الذي فرش لأجله الطريق زهوراً من نصيبه في جمال الورد (سٌهمته).
عندما طلبت زبيدة بنت النعمان من عروة بن حزام في الحكاية المأثورة الزواج بها بدلاً عن عفراء التي جاء يطلب من زبيدة التعاون في سبيل تمكينه من جلب مهر لها،أجاب عروة ،لكن عفراء تنتظر..وحين سألت : أهي أجمل مني..أجاب : قدتكونين أجمل ،قدتكونين أجمل الجميلات لكن عينيّ لاتريان أجمل من حبيبتي..
للحبيب لدى الحبيب قدسية خاصة .. درس يقدمه لنا الصريمي ايضاً لكن بأكثر من حلَّة فمحبوبة الشاعر لايمكن البحث عنها في أي مكان بل إن لها بيئة خاصة وعنوان خاص أيضاً..
ففي قصيدة (دورت لك)..
دورت لك
بين ابتسامات العيون
داخل قلوب الزهر
في جوف الصباح
وفي قصيدة أخرى..
خلف صحوي الماطر
أو صفاء الأنهار
دوروا لي خل
....
أخيراً..
هذا هو الصر يمي الشاعر ،الإنسان، العاشق الحبيبة بخلفية الأرض، الأرض بخلفية الحبيبة،وأحد أبرز أعمدة شعراء ما أصفه بـ: الأغنية القضية..القضية /الوطن..
غنى للأرض، للتراب ،للخير ،للأمل ، للحب ،للإنسان ، للمرأة ، للآتي .. هو هذا الرائي مسافات الزمن الآتي، شجون الحلم، آيات الانتماء التي دفع
ثمنها الكثير من العمر،الحلم ، الأمل آلاماً شتى وسجوناً.
Comments