لفيكتوريا (1)

نشرت الكاتبة والصحافية البريطانية فيكتوريا كلارك ( من مواليد عدن ) اليوم مقالا في صحيفة الاندبندت البريطانية تطرقت فيه عن خفايا ما يجري في اليمن ورايها من القضايا الساخنة سواء في الشمال او الجنوب ، ولاهمية الموضوع ينشر " عدن برس " المقال بعد ترجمته بتجرد . لفت سروال داخلي سيء التصنيع "صنع في اليمن" أنظار العالم إلى وجهة جديدة, إلى واحدة من أكثر الأماكن جاذبية وتنوعاً أنثروبولجياً كما أنها واحدة من البدان الأكثر فقراً والأقل شهرة. بلد يقع في الجزيرة العربية هو ما يساورنا القلق بشأنه. في غضون أيام من الهجوم الفاشل الذي تم في ليلة رأس السنة كان وزير الخارجية اليمني يتسول طلبا للمساعدة ضد الجهاديين اللذين يقدر عددهم بنحو 300. مروحيات وتدريبات ضد الأرهاب وأموال كانت في قائمة أمانيه. في أول أيام العام الجديد أستجاب غوردون براون بخطة لاستضافة مؤتمر دولي لمناقشة سبل منع تحول بلد وصفه بأنه "حاضن وملاذ آمن محتمل للارهابيين" من أن يصبح أفغانستان أخرى. حتى الأمس حصل اليمن بالفعل على تعهد لتمويل جديد لمكافحة الارهاب ودعم لوحدة خفر السواحل كما ضاعفت الولايات المتحدة إنفاقها في اليمن من سبعين مليون دولار إلى مائة واربعين مليون دولار لهذا العام. دفعت معلومات استخباراتية جديدة حول التخطيط لهجوم في صنعاء بكل من الولايات المتحدة وبريطانيا لإغلاق سفارتيهما هناك. اليمن, أو بتعبير أدق، رئيسها ، علي عبد الله صالح, هو حليف في الحرب على الإرهاب التي خضناها في العقد الماضي لذا فأنه من الجيد أن نمد له له يد المساعدة ، ولكن يمكن الجدل إنه هناك القليل الذي يمكننا عمله في هذا المرحلة دون أن نعرض أنفسنا لخطر حقيقي لإرتداد مجهوداتنا ضدنا. في عالم مثالي ، الرئيس صالح هو شخص لا نود أن نتعامل معه. وهو وإن كان بعيداً عن كونه طاغية متعطش للدماء في صورة صدام حسين ، إلا أنه تمكن من الإحتفاظ بالسلطة طيلة السنوات ال 30 الماضية عن طريق تحقيق توازن ماهر في المصالح تمكن منه بفضل الإغراءات المالية التي يمولها من عائدات اليمن القليلة من النفط منذ عام 1986. أن هذا المصدر المتباطئ والذي يشكل ثلاثة أرباع إيراد اليمن، لم يعد كافيا لتهدئة المعارضة ضد النظام الذي وصف من قبل الأكاديمي الأمريكي، البروفيسور روبرت دال بوروز ، بأنه حكومة لصوص يدار باللصوص ومن أجلهم. كلمات كفاسد ، ظالم ، بدائي، وإجرامي هي بعض الصفات التي يستخدمها المثقفين اليمنيين لوصف النظام. فليس من المستغرب إذن أن الرئيس صالح يتنازع مع إثنتين من الحركات المنشقة الخطرة خلال النصف الثاني من العقد الماضي, واحدة في الشمال الغربي من البلاد وأخرى في الجنوب, وكلاهما يهدد سلامة البلاد. يحمل المتمردين الزيديين الشيعة في شمال غرب اليمن الكراهية لصالح بسبب بيعه بفعالية "للروح اليمنية" للوهابية السنية السعودية، وهي السياسة التي بدأت في وقت مبكر في بداية سبعينيات القرن الماضي حيث سعت صنعاء الى اقامة حصون ضد الماركسيين الذين أستولوا على السلطة في جنوب اليمن بعد رحيل البريطانيين في عام 1967 . انتفاضة الجنوب ضده ، في الوقت نفسه ، مشحونة بالغضب من طريقة التعامل مع توحيد شمال وجنوب اليمن منذ الإعلان عنه في عام 1990 ؛ في أواخر عام 2004 أعترف شيخ قبلي جنوبي مؤثر يدعى الشيخ طارق الفضلي ، وهو صديق قديم لاسامة بن لادن من أفغانستان والجهاد ضد السوفييت ومؤيد مخلص للرئيس صالح أعترف انه يتمنى أن يعود البريطانيين إلى عدن "قبل الغداء إن أمكن!" بسبب إعتباره لإثنتين من الحركات المنشقة على أنها تشكل الخطر الأكبر عليه وعلى علاقاته من تنظيم القاعدة ، أنفق الرئيس صالح الجزء الأكبر من موارده عليها منذ عام 2004. المليارات من الدولارات من الطائرات الروسية من طراز ميج قصفت الأهداف المدنية في محافظة صعدة ، وجهود مكافحة الإرهاب تركزت على مضايقة وحبس الصحفيين والكوميديين والسياسيين المعارضين بدلا عن الإشراف على المساجد والمدارس ، ناهيك عن اقتلاع القاعدة. حصل الجهاديون في اليمن على حرية لاعادة تجميع صفوفهم منذ عام 2006 عندما فر 23 منهم من سجن في صنعاء تديره وكالة الأمن المركزي, جهاز الأمن السياسي. وكما هو الحال في باكستان ، كانت هناك علامة إستفهام حول مصداقية جهاز الأمن السياسي ومساعدته وتشجيعه للجهاديين. ومع ذلك, في زيارتي الأخيرة إلى صنعاء أكد لي أحد مستشاري الرئيس أن تنظيم القاعدة قد صعد على جدول الأعمال منذ أن أدرك صالح أنهم وضعوه مباشرة في أذهانهم ؛ أبلغت إمرأة عجوز عن كوخ غامض بين القبور في مقبرة بالقرب من المطار، فكشفت عن مؤامرة لاسقاط طائرة الرئيس صالح. في كانون الأول / ديسمبر دفع إكتشاف مؤامرات ضد السفارتين الامريكية والبريطانية في صنعاء إلى القيام ببعض الإجراءات المباشرة النادرة ضد تنظيم القاعدة. بالحصول على دعم –معلن- إستخباراتي وتسليحي من قبل الولايات المتحدة ، قصفت طائرات يمنية أهداف حددتها الولايات المتحدة لتنظيم القاعدة. بدلا من تحويل المزيد من الأصدقاء إلى أعداء وقبل الخوض في اليمن كما يوصي السناتور جو ليبرمان -إطلاق البنادق في كل الاتجاهات وإلى جانب نظام فاشل لا يحظى بشعبية - يجب علينا النظر إلى بعض العوامل. أن حرب كسب القلوب والعقول قد تم فقدانها إلى حد ما في اليمن وذلك بفضل غزو العراق وعدم شعبية الرئيس صالح حليف الولايات المتحدة. اليمن هي موطن لكثير من الأطياف الإسلامية المختلفة, وكثير منهم من السلفيين مثل بن لادن- وهو المقابل الإسلامي للمتشددين- ولكن الغالبية العظمى منهم ليسوا جهاديين، حتى لو كانوا لا يثقون بالغرب ويرفوضن قيمه. من الممكن إبطاء إنتشار التطرف في اليمن إذا مورست ضغوط على جيران اليمن الإغنياء من دول الخليج لإستيعاب العمال المهاجرين اليمنيين, وعلى المدى الطويل، زيادة الاستثمار في البلد. نصيحتنا السياسية للرئيس صالح قد تكون أنه في حاجة إلى تحقيق اللامركزية في أسرع وقت ممكن، قبل أن ينهار البلد. من غير المرجح أن تصبح اليمن ملاذا آمنا للمجاهدين. أن القوى التي سعت إلى السيطرة على اليمن منذ القرن السادس عشر - كالعثمانيين والبريطانيين والمصريين، والاتحاد السوفياتي- تعلمت جميعها بتكلفة هائلة أن القبائل اليمنية تهتم بالمال والأرض، لا بأي أيديولوجية, سواء كانت دينية أو علمانية. في العراق تم في نهاية المطاف إنتزاع العشائر السنية من براثن تنظيم القاعدة برشوتها. أن هذا التكتيك قد ينجح في اليمن على الرغم من أن التعامل سيكون أفضل بالتأكيد لو تم على يد العرب من دول الخليج بدلاً عن من أي قوة غربية.
Read more…
Ottawa International Poets and Writers for human Rights (OIPWHR)