شهاب (2)
ولد الدكتور شهاب محمد عبده غانم عام 1940 في عدن. حاصل على بكالوريوس هندسة ميكانيكية, وهندسة كهربائية من جامعة أبردين, وشهادة في الإدارة
الصناعية من لندن, وفي إدارة الأفراد من برمنجهام, وماجستير في هندسة تطوير موارد المياه من جامعة روركي, ودكتوراه من جامعة ويلز في الاقتصاد 1989. عمل في عدة مناصب فنية وإدارية عليا في بريطانيا, ولبنان, وعدن, والإمارات. زميل معهد المهندسين الميكانيكيين بلندن, ومعهد الإدارة البريطاني, وعضومنتسب بمعهد المهندسين الكهربائيين في لندن, ومهندس مجاز ببريطانيا. نشر عشرات القصائد في الصحف والمجلات العربية, كما شارك في أكثر من عشرين مؤتمراً علمياً وثقافياً. دواوينه الشعرية : بين شط وآخر 1982 - بصمات على الرمال 1983 - شواظ في العتمة 1986 - صهيل وترتيل 1987 - هو الحب 1991 - بصمات على الرمال 1993 - الزمن السريالي 1999. مؤلفاته: الصناعة في دولة الإمارات - المعجزة الأبدية. ممن كتبوا عنه: مصطفى النجار, وسعد دعبيس وعبدالعزيز المقالح. حصل على جائزة المعارف من عدن للمقال1959, وجائزة الشعر- الشارقة 1983, وجائزة راشد للتفوق العلمي من دبي1989.
:من أشعاره
قبضاً على الجمر
سماؤُكَ مهما خطَّطوا وتآمرُوا
سيبقَى شعاعُ الله منها ُيسَافِرُ
سماؤك يا إسلام رغم أنوفهم
ستعلو قباب ملؤها ومنائر
سماؤك في ليل الوجود وأهله
بها البدر يزهو والنجوم الزواهر
سماؤك ما فوق الرسالات كلها _
ولا فكر إلا عن سمائك قاصر
وعندك في القرآن في كل آية
دليل وإعجاز - مدى الدهر - سافر
ولكنه الحقد القديم يصيبهم
فتعمى قلوب عندهم وبصائر
فمنذ رسول الله تغلي صدورهم
وما زال يزداد اللظى والتآمر
ففي كل ركن من ربوعك فتنة
ومن خلفها في الظل يقبع كافر
ونحن أَضَعْنا ديننا فتقطّعت
روابط حب بيننا وأواصر
وصار بنو الإسلام من بعد رفعة
قبائل فيما بينها تتناحر
فهاتيك مقديشو وبيروت قبلها
وكابول تلهو بالردى والجزائر
وكم من حروب في الخليج تتابعت
فضاعت بلايين وضاقت مقابر
وأغلى بطولات الطفولة أُطفئت
مخافة ينمو في ربى القدس ثائر
وتلك سراييفو تئن جريحة
وتفجعها في كل يوم مجازر
يذبَّح فيها المسلمون كأنهم
نعاج وخرفان, ويلتذ ناحر
وكم يعبث الصرب الغلاظ كأنهم
(هُلاكو) ومافي الكون ناهٍ وزاجر
أعادوا من النازِي جميع جنونه
ويدرك ذاك الغرب, لكن يداور
فأي نظام عالمي أتى به
وليس جديد فيه إلا المناكر
وحقد على الإسلام أكثر خسة
فمن صحوة الإسلام أمسى يحاذر
أفي قلب أوروبا ستُترك دولة
أذان بها يشدو, وتدعو منابر
لقد نُصِّرت أطفال دين محمد
وليس لهم من حومة الدين ناصر
وكم بُقِرت يا قوم بطن لحامل
وكم هُتكت في كل ركن حرائر
فأين صلاح الدين أو أين خالد?
وأين سيوف الله أين البواتر?
لقد سمق البنيان بين شعوبنا
وقد نفقت أخلاقنا والضمائر
ولم يبق من كل المروءات عندنا
سوى ما يغنّي في دجى العار شاعر
فصبراً سراييفو وقد أطبق الدجى
فحتْما له في مطلع الفجر آخر
وصبراً سراييفو فهل دام عندكم
للينين أوثان ودامت عساكر
وصبراً سراييفو فكم قد تحطمت
على صخرة الإسلام قِدْما خناجر
وصبراً سراييفو على الجمر واللظى
فدوما على العادي تدور الدوائر
وصبراً سراييفو فرغم أنوفهم
سماؤك لن تنهار فيها المنائر
الـبحـث
وما زلت أبحث دون انقطاع
وما زال يغمر دربي الضياع
أطوّف في كل صُقع وأرض
فحينا بأقصى المشارق أطوي الشراع
وحينا لأقصى المغارب أمضي
وحينا أولّي جنوباً فألقي الرحال
وتحت أسنة شمس الزوال
تموت حيالي الرمال
وحينا على العشب تحت أشعة شمس الشمال
وحينا بغاب الصنوبر أسرح فوق التلال
أعب الهواء العليل
وأسند ظهري لبعض الجذوع
وأفرح بالشمس تلقي الدنانير بين الظلال
وترسم لوحات زيت
حوت ألف لون ولونٍ من الإخضرار
فأذكر ما فيك من بهجة واشتعالْ..
وحيناً بشط البحيرات أجثو
وألقي على صفحة الماء بعض الحصى
وأمضي أناجي الدوائر تنداح لا تلتقي
كذلك نكبر..
والعمر يمضي ولانلتقي
ويوما فيوماً سنكبر حتى التلاشي
فيا حلوة الروح..
يا عالما في فؤادي رقيق الحواشي
ويا وردة في بهاء وعطر
وياسر أروع ما قال شعري
وما لم يقله..
وما لايقال!
إلى حفيدتي هنوف: بخبوخ
بخبوخ *
وَسَّطْتُ الدّرهمَ فوقَ الكفِّ اليسرى
ونفختُ عليهِ
ووضعتُ عليهِ الكفَّ الأُخرى
قلتُ لها: قولي (بخبوخ)
قالت: (بحبوح)
ففتحتُ الكفين..
أين الدرهم?.. أين?
غاب بلمحةِ عين
ضحكت.. والتمعت فرحَتُها في العينين
كانتْ - يحفظُها المولى - دون العامين
(بخبوخ)
وتوارى درهمنا المنفوخ
راحت تُحْضِرُ دميتها الضَّخْمَةَ ذاتَ الثَّوبِ الجُوخ
وَضَعَتْهَا في كفّي
وقالت: (بحبوح)
قلت أراوغُ, في صوتٍ مبحوح,
هذي الدمية أحْلى مِنْ أَنْ تُخْفَى,
.. يا روح الروح!
-------------------
* (بخبوخ) كلمة يقولها الحاوي في بعض البلدان العربية في لعبة إخفاء الأشياء.