معضلة الطلاب اليمنيين دائمة ومستمرة من عشرات السنيين، وهي جزء من موبقات وجرائم النظام الجائر وعقليته الظلامية المتخلفة التي تنفذ
عبر مخطط أجهزة أمن الدولة ومؤسساتها العسكرية والمدنية، والتي تهدف إلى تدمير وهجرة العقول من أجل الاحتفاظ بالحكم واستغلال الثروات الوطنية وإدارتها بعشوائية وظلامية وعنف. وعلى أي حال فالمأساة قديمة ولا جديد فيها غير التفنن بالتنكيل بالطلاب وعامة الشعب. استراتجيات النظام وآلياته وكذلك التكتيكات المتبعة التي تتسم بالعنف الشديد والمتمثلة في استخدام البطشن وكذلك الحروب النفسية بأشكالها المختلفة ومنها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية العلنية والخفية وغيرها، فتوابلهم وسمومهم تغير الطعم واللون وتفتك بالروح والجسد.
وفي فترة ما قبل الإمامة وما بعدها حرم التعليم وأقفلت المدارس ولم تبن المدارس والجامعات الحديثة، أما أيام العهد الجمهوري، فقد فتحت وبنيت ثم حولت الى ثكنات امنية وعسكرية وكثر فيها وفي الاماكن الاخرى البطش والقتل والعنف والارهاب, وكلا العهدين يبرران سلوكهما بالحفاظ على الدين والنظام والقانون، والحقيقة هي منع وتحريم الفهم والمطالبة بالحقوق والتحضر، لذا كان ومازال تدمير العقل هدفهم.
ففي العهد الجمهوري وفي السبعينات من القرن السابق تطورت الاساليب ومورست جرائم عديدة منها الحبس والاقامة الجبرية والمطاردات والمضايقات والقتل، لذا فهناك من الطلاب من شرد وهاجر او قتل او سجن او فقد عقله أو انتحر, ويبرر النظام سلوكه الاجرامي بالحفاظ على الدين المفقود بالاصل. فرجال النظام كانوا ومازالوا يعتقدون ان العلم والمعرفة هما الخطر والعدو المباشران، لذلك فبركوا والصقوا التهم بالاحرار والمثقفين والكوادر ومنها ا ن الكوادر المثقفة والمتعلمة حليفة انظمة العدل المتمثلة بالاشتراكية العالمية او العربية والاسلامية فخونوها وطنيا وقوميا وانسانيا ثم كفروها وفتوا وحاكموا ونفذوا احكامهم المستمدة من بروتوكولاتهم الظلامية الهادفة لوقف عجلة التطور والحفاظ على مصالح أقلية أنانية وجائرة .
لم يتحسن الوضع في نهاية السبعينات او الثمانيات او بعد الوحدة النظرية التى أعلنت في 22 مايو 1990م، فقد استخدموا الطلاب كأكباش الفداء في الحروب الاهلية او الحروب ضد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والهدف كان التخلص منهم لأنهم المتنورون ولأنهم من ابناء الحجرية او تعز او المناطق الوسطى، ولكي يحموا الجيش لان معظم الجيش من مناطق زيدية، بهذا التصرف أثبت النظام الجائر عنصريته واجرامه ووحشيته.
مشاكل الطلاب تحمل في طياتها الطابع الطائفي والعنصري المتأصل في عقل النظام الظلامي. ومخططه الوحيد لمستقبل الطلاب هو النكبات لأن الطلاب عشاق علم ومعرفة وكذلك عشاق الحياة بفضائلها ودعاة تمدن ورسل عدل ومساواة.
كما أن المنح توزع كما وكيفا على المقربين والمحسوبين بعيدا عن معيار التنافس الشريف والمعدلات والكفاءة. فما بقى يوزع على الطلاب للتخلص من منهم ومن عمرهم الافتراضي الفعال والإنتاجي لفترة قد تصل إلى أربع أو خمس سنوات، وبعدها تأتي عملية الحساب المتعمدة مثلا انت خريج دولة اشتراكية أو بعثية او قومية أو اسلامية أو امبريالية، هذه التهم ملفقه حتى يحرموا المتعلمين من تنوير مجتمعاتهم واشراكهم في صنع القرار بالرغم من أن الدولة وعسكرها ومعسكراتها وحكامها لهم علاقات وتعاون مع الروس والعرب والامريكان وغيرهم. وحقيقة الأمر أن الدولة لا تملك أو تفكر ببرنامج تنموي حقيقي.
مشاكل صرف مرتبات الطلاب متعمدة وهي كذلك جزء من الفساد الرهيب والمخيف بل والمتوحش المستشري في مؤسسات الدولة على سبيل المثال المدرسة والتعليم العالي ووزارة المالية والخارجية والاجهزة والسفارات المرتبطة بها.
فالرشوة ضرورية واستغلال المناصب شيء طبيعي, فهناك رغبة جامحة لاستغلال المناصب للمنافع والمصالح الخاصة، وكذلك الاعتداء على حقوق الآخرين المتمثل بالسلب والنهب واللصوصية, حيث تودع مرتبات الطلاب في بنوك خارجية لمدة ثلاثة أشهر وفوائدها تذهب للمتنفذين في السلك الدبلوماسي في السفارات وخارجها, كذلك يتم خصم مبلغ بسيط من كل طالب ولو دولارين تحت بند ان اسعار صرف الدولار مقابل الريال تغير وهذا عمل مشين لان مرتبات الطلاب ترسل بتعزيزات للسفارات بالمبلغ الكامل والمعلن عنه للطلاب وفق قانون التربية والتعليم العالي في بند البعثات الخارجية وعلى ان تدفع المرتبات للطلاب مقدما.
كذلك الفساد وعدم المساواة عندما نرى أن هناك طلابا باربعة مرتبات والواحد منهم مبعوث من اكثر من وزارة، ونرى طلابا تسقط اسماؤهم تحت بند السهو او الخلل في الحاسوب الالي ويستمر السهو والخلل ثلاث او اربع سنوات. قطع مرتبات الطلاب أو الموظفين سياسة تتبع المقولة "جوع كلبك يتبعك" وإشغالهم في مشاكل بسيطة حتى لا يطالبون بحقوقهم في المساواة في المواطنة والمشاركة بصنع القرار وتوزيع الثروة العادل، لذا فمحاصرتهم الكاملة واجبة تحت مبدأ هاجمهم قبل ما يستعدون للمواجهة.
والتجويع هدفه ايضا التهيئة النفسية وخلق ظروف جديدة لابتزاز الطلاب واستخدامهم لأغراض غير انسانية وبيعهم في اسواق النخاسة المحلية والاقليمية والدولية، فالنظام قائم على التسول والمتاجرة بالارض والعرض والانسان، باع الحكام أنفسهم ومن باع نفسه يبيع الاخرين، وتحت مسميات حزبية أو قبلية أو التعاون المشترك.
البيع والقرصنة وصلت حتى للاطفال احباب الله وبيع الحاكم لنفسه وجماعته والمواطنين يتم بطرق مختلفة ومشرعة، والبيع انواع منه الروحي والجسدي والنفسي، فهم متخصصون ولهم وسائلهم وأهم شيء عندهم هو المال
جهلهم وغبائهم انهم لا يرون الثروة في الارض (وفي الانسان) ويجب ادارتها والاستفادة منها ومن بيضها ولبنها وثمارها وعقلها, لهذا باعوا الاصل والانتاج، وقبضوا المال لينفقوه لقضاء حاجاتهم, وبتصرفهم هذا خسروا الكل.
في الوقت الحاضر تقطع وتحرم وتوزع المرتبات والوظائف والامتيازات والمنح على من يشأوون, وكذلك يقتلون الطلاب بأيديهم، عبر المافيات الاجرامية الدولية, وهناك من الطلاب من اختفى أو هو يعيش من غير اي حاسة من الحواس. وضع الطلاب ماساوي في الخارج والداخل، فهم ما بين المطرقة والسندان. فإلى أين أيها القطار أنت ذاهب بنا وبالعلم والوطن.
وإذا نظرنا وحللنا الحلول التي يتبعها النظام الفاسد فسنجدها عبارة عن مسكنات لزمن قصيرحيث يوفد موفدين من الوزارات للتمويه فقط ولا يستفيد من الاجراءات المتبعة لحل معاناة الطلبة الا المسؤولون الذين يستفيدون من بدل السفر والفسحة وقضاء مآربهم الاخري, ثم الاعلان والتصريحات الاعلامية في ابواقهم الكاذبة بان المشكلة حلت وتم القضاء على الفساد والمفسدين. وبرغم ان الحلول لا بد وان تبدأ من الداخل ولا داعي للسفر وانما فاقد المعرفة والعلم مخسر ومهلك.
لست متشائما ولا متفائلا لكني متشائل والتفاول سياتي عندما ينطلق قطار العمل من اجل قيام دولة المؤسسات والقانون, فلا خير برجال ومؤسسات ظالمة وفاسدة. ففي السفارات مسئولون منهم من قتل ومنهم من هو هارب من ثأر القبائل الأخرى ومنهم كثيرون من صنف العميان ومنهم من المومسيون واللصوص من معتنقي الرذيلة والذين لهم استثمارات غير قانونية دوليا ويتعاملون مع مافيات الدول الأخرى، ولأنهم هربوا الاموال ومجرمون في نظر العالم وحتى المافيات الأخرى، فهم واموال شعوبهم المنهوبة في خبر كان، وكذلك في ورطة، وهذا هو تكنوقراط من يسمي نفسه الحاكم . بالتاكيد نهاية مثل هذه الجماعات الى مزبلة التاريخ .
أريد أن ألفت الانتباه الى مسألة ما بعد التخرج، فهي أشد قسوة والعن من سابقتها، فمن الطلاب الخريجين من تجبره الحياة الى الهجرة او قبول اعمال لا تناسبه ماديا او معنويا أو اخلاقيا, وعندما يسقط اخلاقيا يصير مؤهلا ومقبولا لديهم أو مصيره الهلاك، ويقذف به الى المجهول ليقابل ويواجه مليون متوحش وغول.
الوطن بطلابه وعلّاماته وكل المواطنين، يقول الله عز وجل وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، فما علينا الا الكفاح، فهو خير وسيلة للانعتاق مما نحن فيه وهذا امر الله والقانون الانساني والرباني يعطيان الحق لنا بالشروع فيه.
اخي وابني وصديقي ورفيقي الطالب والاستاذ والعامل والفلاح لنعمل معا لخير انفسنا والوطن .
اخي الطالب في الحياة والدرب ما عليك الا ان تطالب بالحقوق الكاملة لك كانسان ومواطن, ومطالبتك فقط بالمرتب هي ما يريدونه ولن يعطوك إياه ولن يساوموك عليه, وطالب بحقوقك كاملة حتى تحصل على شيء منها، وما عليك الا ان تشد عربتك إلى نجم، وان تقف مع صوت الشعب، فصوت الشعب هو صوت الله, واضرب الحديد وهو ساخن.
اخي الطالب والمعلم هذه قضيتك، وهي بين يديك، فما عليك الا ان تستوعبها، وان آمنت بمحتواها فما عليك الا نشرها بين اخوانك الطلاب في كل ارجاء المعمورة، ولدى الإتحادات والروابط الطلابية العربية والعالمية، وكذلك لدى منظمات حقوق الانسان.
هذه أول خطوة في رحلة الألف ميل.The Worldwide Yemenite Students' Movement for Emancipation
Comments